بيان صادر عن وزارة شؤون المرأة لمناسبة اليوم العالمي للمرأة الريفية

رام الله - زمن FM

تحية وطنية معطرة بعبق الزيتون ورمزيته في السلام والنضال... نبرقها للنساء الفلسطينيات في القرى والأغوار والمسافر وكافة أرجاء وطننا القابض على الجمر منذ أكثر من 76 عاما. تحية صمود للنساء الريفيات النازحات في خيم اللجوء وللصامدات على قمم جبال فلسطين وفي سهولها في موسم قطاف الزيتون الذي أكد تشبثنا بأرضنا وانغماسنا فيها على مر العصور.

موسم قطاف الزيتون أحد اهم الطقوس التراثية والاحتفالية الفلسطينية التي عززت قيم التجذر في الأرض رغم آنف الاحتلال. حيث تتجدد سنويا خلاله مشاهد إحياء الذاكرة الفلسطينية الممزوجة بالترابط الثقافي والاجتماعي والتشاركي بين الرجال والنساء والشيوخ والأطفال. إلى جانب أثره الاقتصادي حيث يمثل الزيتون 25_30% من إجمالي الإنتاج الزراعي الفلسطيني. ويعتبر مصدر دخل للعائلات الفلسطينية وبالأخص النساء اللواتي يعملن فيه بشكل ذاتي أو ممن ينتسبن لجمعيات او مشاريع نسوية صغيرة ومتناهية الصغر لصنع وبيع المنتجات الغذائية أو التجميلية التراثية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

 لكنه يزورنا هذا العام متشحا بالحزن باستمرار حرب الإبادة الجماعية منذ السابع من أكتوبر 2023 والتي شكلت عائقا إضافيا أمام النساء الريفيات اللواتي يشكلن 49% من سكان الريف الفلسطيني. وفاقمت معاناة إضافية على العاملات في قطاع الزراعة في الريف والتي بلغت نسبتهن 14.6% ويشكلن 84% من العاملين في الزراعة الاسرية ايضا. 

أسهم قطاع غزة الصامد قبل العدوان الإسرائيلي في توفير 44% من حاجات السكان من المنتجات الزراعية، وما نسبته 55% من مجمل الصادرات الزراعية. إلا أن العدوان الاسرائيلي المستمر ادى الى تدمير 75% من هذا القطاع. حيث كانت خانيونس أكبر مساحة من الأراضي الزراعية المتضررة بنسبة 61.5 % في حين سجلت محافظة شمال غزة أعلى نسبة من الأضرار وصلت 78.2 % بحسب المحافظة. كما أشارت تقارير دولية لتضرر 71.2% من البساتين والأشجار، و67.1% من المحاصيل الحقلية، و58.5% من الخضروات إضافة للاستهداف المباشر لمزارع الابقار والدواجن، فقد نفق في غزة ما يقرب من 95 % من الماشية ولم يبقَ حياً في قطاع الدواجن سوى 1%. كما تضرر 52% من الابار الزراعية و44% من الدفيئات. ما أحدث اضرار جسيمة على الريف الفلسطيني ومقدراته الزراعية في غزة والذي يعد مصدر امن غذائي واقتصادي ما فاقم من أزمة الغذاء والمجاعة، إضافة للقضاء على المشاريع الزراعية التي كانت تديرها وتملكها النساء. وشكل أمامهن عائق منيعا في القدرة على توفير الغذاء والدخل خاصة أن الكثيرات منهن أصبحن المعيل الأول أو الوحيد للأسرة بسبب فقدان الزواج نتيجة الاستشهاد أو الاعتقال أو سياسة الاختفاء القسري أو النزوح المتكرر أو الإصابة.

ولا تتوقف معاناة النساء الريفيات في غزة على الجانب الزراعي فقط بل تتصور بجرائم لا يمكن حصر اشكالها وأثارها على الصحة والتعليم والعمل والسلام النفسي فهناك القتل، والاعتقال، والهدم، والحرق، وقصف المدارس والمستشفيات وتجفيف الموارد وغيرها من صنوف العذاب المرئية والمسموعة بحق النساء والأطفال وكافة فئات المجتمع في ظل ازدواجية المعايير الدولية في حماية الفلسطينيات.

كما أن سياسة الأبارتهايد التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني تسببت بخسارة الفلسطينيين لأكثر من 35% من الأراضي الزراعية في الضفة الغربية بشكل دائم، الى جانب إعاقة الوصول الى الأراضي الزراعية في المناطق المصنفة (ج) والتي تشكل 61% من أراضي الضفة، وهدم241 منشاة زراعية إضافة لرصد 9600 عملية اعتداء على الأشجار من خلال الحرق، والاقتلاع، والتسميم. علاوة على الاعتداءات المتكررة على المزارعين والمزارعات والاستيلاء على ممتلكاتهم، وفرض الحواجز العسكرية التي تحول دون وصولهم الى أراضيهم لقطف الزيتون أو الوصول للموارد الطبيعية. وتكثيف البؤر الاستيطانية وقضم الأراضي والاستيلاء عليها بحماية الجيش الإسرائيلي حيث تم الاستيلاء على 52 ألف دونم في الضفة الغربية مستغلين ظروف الحرب. ومصادرة نحو 9.4% من الأراضي الزراعية عن أصحابها. كما تم الاستيلاء على 60% من الاراضي الزراعية في الاغوار والتي تمثل خط الدفاع الأول عن السيادة الوطنية والاقتصاد الفلسطيني، والسيطرة عليها تعني التحكم في 40% من الموارد المائية في الضفة الغربية وفقدان الأغوار يعني فقدان مصدر رئيسي للمياه والزراعة، ما يهدد الاستقلال الاقتصادي الفلسطيني، ويجعل المنطقة محوراً أساسياً في الصراع السياسي المستمر. كما ينعكس ايضا على عمل النساء في تلك المناطق ويؤدي الى افقادهن مصدر دخلهن الرئيسي من العمل في قطاع الزراعة. 

ان استمرار التوسع الاستيطاني الإسرائيلي الهادف لإحلال المستوطنين الغزاة في وطننا ينذر بانهيار الاقتصاد الفلسطيني وارتفاع معدلات الفقر والبطالة بشكل أكبر مما هو عليه الحال، وستكون النساء من أكثر الفئات تضررا كونها الاكثر هشاشة وتأثر لهذه الصدمات نظرا لمحدودية مصادر الدخل وارتفاع معدلات الفقر وتدني نسبة الملكية ومحدودية وصولهن للموارد الطبيعية ومنها المياه حيث سيطر الاحتلال الإسرائيلي على حوالي 85% من مصادر المياه في الضفة الغربية، ما يترك الفلسطينيين يعتمدون على أقل من 15% من المياه المتاحة. إضافة لسياسة تلويث التربة بالمياه العادمة ومخلفات المصانع الكيماوية ما يضاعف من أعباء المرأة الريفية في القطاع الزراعي ويعرقل مسيرتها في النهوض والصمود الاجتماعي والاقتصادي.

ولا تقتصر معاناة المرأة الريفية في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر على الواقع الزراعي وحسب، وانما تمتد لتشديد الخناق على الحركة والتنقل بفعل ارتفاع عدد الحواجز منذ السابع من اكتوبر 2023 الى 872 حاجز إضافة لسياسة الاقتحامات والانتهاكات وحملات الاعتقالات وشرذمة أوصال الوطن وقطع الطرق بين القرى والمناطق النائية والمهمشة والمدن، ما يلقي بظلاله على تعطيل المسيرة التعليمية والاقتصادية للنساء الريفيات الطالبات والعاملات في كافة المجالات. إضافة لصعوبة الحصول على الخدمات الطبية أو الحصول عليها. خاصة الحوامل ومن يعانين من امراض خطيرة مزمنة كالسكري والسرطان والكلى وغيرها.

بالإضافة لتداعيات الحرب وأثرها على البيئة والمناخ وتقويض فرص وصول النساء الى الموارد الطبيعية تزامناً مع سياسة التجويع والتعطيش والأزمة المالية التي تمر بها الحكومة الفلسطينية وما ترتب عليها من عدم انتظام صرف الرواتب للموظفين العمومين وصرف ما لا يزيد عن 60% منها، وتوقف حوالي 90% من العمال عن العمل داخل الاراضي المحتلة. وتخفيض عدد ساعات العمل لحوال 51% من المشاريع النسوية. كل ذلك جعل الأسر في المناطق الريفية في أوضاع كارثية فأضحت غير قادرة على تحمل تكاليف التعليم والتنقل أو الالتزام اليومي بالعمل لها ولأبنائها ومنهم الفتيات مما أثر بشكل مباشر ومضطرد على الإنتاج والدخل. 

وأننا في وزارة شؤون المرأة الفلسطينية نؤكد على مطالبنا التالية:

  1. نطالب المجتمع الدولي والمؤسسات الأممية والحقوقية المختصة بالوقوف عند مسؤولياتها لوقف حرب الإبادة والتطهير العرقي فورا.

  2. نطالب المجتمع الدولي بتوفير الحماية الدولية للريف الفلسطيني من اعتداءات قطعان المستوطنين الممنهجة وانتهاكاتهم اليومية.

  3. نطالب المؤسسات الإعلامية المحلية والإقليمية والدولية لتنسيق حملة دولية لفضح جرائم الحرب الإسرائيلية والانتهاكات المتكررة بحق المرأة الريفية والبيئة الفلسطينية.

  4.  ندعو المقررين الخاصين بحقوق الانسان والبيئة في مجلس حقوق الانسان والجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة من خلال وزارة الخارجية للوقوف عند مسؤولياتهم في حماية الريف الفلسطيني والبيئة الفلسطينية حيث انضمت فلسطين لحوالي 12 اتفاقية بيئية تشكل الاعتداءات الاحتلالية انفة الذكر وغيرها خرقا واضحا لها ولحقوق الفلسطينيين المرتبطة بها.