غزة- زمن FM- في غزة، حيث تتقاطع الحرب مع الحصار ونقص الخدمات الأساسية والصحية، تُضاف معاناة جديدة إلى حياة السكان اليومية: التهاب الكبد الوبائي، مرض فيروسي يصيب الكبد ويهدد حياة الأطفال بشكل خاص. هذا المرض ينتقل بسهولة عبر المياه الملوثة أو الغذاء غير الصحي، ويصبح صعب العلاج في بيئة تعاني من نقص المستلزمات الطبية والمستشفيات المكتظة، ويلاقي في غزة بيئة خصبة ليتفشى بين الاطفال.
الأطفال هم الأكثر ضعفًا، إذ لا يمتلكون مناعة قوية ويعيشون في ظروف تفتقر لأبسط مقومات النظافة، ما يجعلهم الحلقة الأضعف أمام انتشار المرض. في هذا الواقع المأساوي، تصبح حياة الأطفال معرضة للخطر بشكل يومي، لتضاف إلى القصف والمجاعة والحصار معاناة جديدة لا يسمع عنها أحد.
في قلب هذه الأزمة، تأتي قصة دانية، طفلة صغيرة لم تتجاوز السابعة من عمرها، لتجسد مأساة آلاف الأطفال الفلسطينيين الذين تُقتل طفولتهم بصمت، ليس بالقصف فقط، بل بالمرض والجوع والظروف الإنسانية القاسية.
مرض الكبد الوبائي في غزة أصبح اليوم أزمة صحية غير مسبوقة. وسط انهيار المنظومة الصحية، ونقص المياه النظيفة، وغياب الغذاء الصحي، تتزايد الإصابات يومياً، لتصبح هذه العدوى مرضاً يهدد حياة آلاف الأطفال الذين يجدون أنفسهم عالقين بين الفقر، الحصار، والحرب.
دانية… ضحية المرض والصمت في مخيمات النزوح
دانية، طفلة تبلغ من العمر سبع سنوات، كانت مصدر فرح في خيمتها رغم الألم الذي يلف حياتها اليومية. بدأت تظهر عليها أعراض التعب والغثيان واصفر وجهها وفقدان الشهية. حاولت والدتها، أم دانية، البحث عن العلاج، لكن المستشفيات مكتظة والتحاليل غير متوفرة، والمياه النظيفة حلم بعيد.
تقول أم دانية وهي تذرف الدموع: "كنت أرى ابنتي تذبل أمامي، ولم أستطع أن أفعل شيئاً. لم يكن الأطباء متفرغين، ولا الدواء موجود، ولا حتى أسرة فارغة في المستشفى المكتظة بالإصابات والشهداء. وبعد أيام من المعاناة، فارقت دانية الحياة، لتصبح رمزاً لطفولة تُقتل ببطء، لا بالقصف، بل بالمرض."
شهادة طبية: أزمة صحية غير مسبوقة
وقال مدير مستشفى الولادة والأطفال في مستشفى ناصر الطبي، الدكتور أحمد الفرا، "إن مرض التهاب الكبد الوبائي أصبح مرض خطير يتفشى في غزة ، مرتبط بشكل مباشر بالنظافة الشخصية والماء النظيف وأدوات النظافة. في غزة، كل هذه العناصر مفقودة."
وأوضح الفرا أن 70 ألف حالة تم تسجيلها منذ بداية الحرب، فيما كان المعدل السنوي قبل الحرب يتراوح بين 10 و20 حالة فقط، ما يجعل انتشار المرض وباءً حقيقياً في ظل الظروف الحالية. وأضاف: "المرض لا يوجد له تطعيم متوفر هنا في غزة، رغم توفره في جميع دول العالم. الوقاية تتطلب صرفاً صحياً متكاملاً ومياهاً نظيفة، وكل هذا دمرته قوات الاحتلال."
وأشار إلى أن الأطفال هم الأكثر عرضة للإصابة بسبب ضعف المناعة وسلوكياتهم اليومية، مثل عدم غسل اليدين بعد استخدام الحمام والتلاصق أثناء اللعب، ما يجعلهم الحلقة الأضعف في مواجهة المرض.
واقع مأساوي يحتاج إلى تدخل عاجل
غياب التحاليل، ونقص الغذاء الصحي، واعتماد السكان على المعلبات غير المناسبة لمرضى الكبد الوبائي، كل ذلك يزيد من حجم الكارثة. وزارة الصحة في غزة تعاني من نقص حاد في الموارد، والمجتمع الدولي لم يتحرك بما يكفي لاحتواء الأزمة.
قصة دانية ليست فريدة، بل تمثل آلاف القصص الأخرى في غزة، أطفال وعائلات يعيشون بين الخوف من المرض والموت بصمت. غزة اليوم بحاجة إلى تدخل عاجل يوفر المياه النظيفة، الغذاء الصحي، أدوات النظافة، والدعم الطبي لإنقاذ الأرواح التي يمكن حمايتها إذا توفرت أبسط مقومات الحياة.
المصدر: نساء FM
