رام الله - زمن FM
ناقشت إذاعة "نساء إف إم" في الحلقة الحادية والعشرين من برنامج "ملهمات الوطن" الذي تنفذه ضمن برنامج قريب الذي تنفذه الوكالة الفرنسية للتنمية الإعلامية CFI، تأثيرات الحرب الإسرائيلية على البيئة في قطاع غزة.
وقال الخبير البيئي والرئيس التنفيذي لمجلس تنظيم قطاع المياه، د. محمد الحميدي، إن هناك أبعاد بيئية مدمرة للحرب على غزة، لافتا إلى الأثر المباشر الذي يتركه الدمار الواسع للبنية التحتية، والذي يفضي إلى تسرب المواد السامة وتدهور الموارد الطبيعية.
وقال إن القصف المكثف يدمر شبكات المياه والصرف الصحي، مما يتسبب في تسرب مياه الصرف الصحي والمياه الملوثة إلى التربة والمياه الجوفية. بالإضافة إلى ذلك، فإن استخدام الأسلحة التي تحتوي على مواد سامة أو متفجرة يسهم في تلوث التربة بمخلفات كيميائية ضارة، مثل المعادن الثقيلة والمواد المتفجرة غير المنفجرة.
وتتسبب الحرب أيضًا في تدمير الأراضي الزراعية، مما يؤدي إلى انخفاض الإنتاج الزراعي وفقدان التنوع البيولوجي في المناطق المتضررة. كما أن تدمير الغطاء النباتي، بما في ذلك الأشجار والمزارع، يؤثر سلبًا على التوازن البيئي ويعمق الأزمة.
من جهة أخرى، تؤدي الانفجارات والقصف إلى إطلاق جزيئات دقيقة وملوثات كيميائية في الهواء، مما يسفر عن مشاكل صحية خطيرة للسكان، مثل أمراض الجهاز التنفسي. واحتراق المواد الصناعية والبترولية يُطلق غازات سامة، مما يزيد من تلوث الهواء بشكل ملحوظ.
علاوة على ذلك، يتسبب الدمار الواسع للمباني والبنية التحتية في إنتاج كميات كبيرة من النفايات الصلبة، والتي تشمل مواد بناء ملوثة بالمواد الكيميائية والأسبستوس ومواد سامة أخرى. إن عدم القدرة على إدارة هذه النفايات بفعالية يؤدي إلى تراكمها، مما يزيد من الأثر البيئي السلبي.
وتستمر الحرب والحصار المفروض على غزة في تعقيد جهود معالجة التلوث وإعادة تأهيل البيئة بعد النزاع. هذه الظروف تعوق الوصول إلى الموارد الأساسية، مثل المياه النظيفة والطاقة. واستنزاف الموارد الطبيعية المتاحة، مثل المياه الجوفية، يؤدي إلى تدهور مستدام في توفر الموارد البيئية الحيوية.
كما أن تدمير شبكات الصرف الصحي والمنشآت الصناعية يؤدي إلى تسرب الملوثات إلى البحر، مما يتسبب في تلوث الشواطئ والمياه البحرية، ويؤثر سلبًا على النظام البيئي البحري والثروة السمكية.
وقال الحميدي إن العواقب البيئية للحرب على غزة ليست مجرد مشكلة عابرة، بل أزمة مستدامة تتطلب جهودًا كبيرة لإعادة تأهيل البيئة وتحسين ظروف المعيشة للسكان المتضررين.
وقالت المحامية خديجة زهران، مديرة دائرة الرقابة على السياسات والتشريعات في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان إن الإطار القانوني الدولي الذي يحمي البيئة خلال النزاعات المسلحة يرتكز على مجموعة من الاتفاقيات والقوانين الدولية التي تهدف إلى تقليل الأضرار البيئية خلال النزاعات المسلحة. في حالة حرب غزة، يمكن تطبيق عدد من المبادئ والقوانين الدولية لحماية البيئة، والعديد من الاتفاقيات تمنع استخدام تقنيات التعديل البيئي للأغراض العسكرية أو غيرها التي قد تسبب دماراً أو ضرراً طويل الأمد وشديداً للنظام البيئي.
ورغم أن بعض الدول قد لا تكون أطرافًا في هذه الاتفاقية، إلا أنها تعزز مبدأ عدم استهداف البيئة بشكل مباشر.
وتنص العديد من القوانين على حماية البيئة الطبيعية في أثناء النزاعات المسلحة ومنع الهجمات التي تسبب أضرارًا جسيمة وطويلة الأمد. هذا يشمل ضرورة اتخاذ الاحتياطات اللازمة لتجنب الإضرار بالبيئة، حتى لو لم تكن هذه الاحتياطات مذكورة بشكل صريح في معاهدات معينة.
ودعا ضيوف الحلقة إلى أهمية تكثيف الجهود على المستويات المحلية والدولية لإنهاء العدوان، مما سيفتح المجال أمام تطوير الحلول الفعالة لمعالجة القضايا البيئية الناتجة عن الحرب.