ائتلاف أمان يعقد مؤتمره السنوي 2025 حول "ضمانات النزاهة والعدالة في إدارة مرحلة التعافي المُبكّر في قطاع غزة"

ائتلاف أمان يعقد مؤتمره السنوي 2025 حول "ضمانات النزاهة والعدالة في إدارة مرحلة التعافي المُبكّر في قطاع غزة"
ضرورة تبني استراتيجية وخطة وطنية موحدة لإدارة مرحلة التعافي المبكر تستند إلى قيم الشفافية ونظم المساءلة ومكافحة الفساد

 

رام الله/ غزة - زمن FM - عقد الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) مؤتمره السنوي 2025 بعنوان: "ضمانات النزاهة والعدالة في إدارة مرحلة التعافي المبكر في قطاع غزة"، عبر منصة زووم، بمشاركة ممثلين عن مختلف القطاعات الفلسطينية والمؤسسات المحلية والإقليمية والدولية.

وتركز المؤتمر على تعزيز الشفافية والنزاهة والعدالة في عمليات التعافي بعد الحرب، لا سيما في القطاعات الأكثر حساسية مثل الإغاثة، الإيواء، البنية التحتية، الصحة، التعليم، وقطاع العدالة. وجرى خلال المؤتمر تشكيل غرف نقاش متخصصة لكل من القضايا الست المطروحة، حيث تم استعراض أبرز التحديات والمعيقات التي قد تواجه ضمان النزاهة والشفافية، وتحليل المخاطر المرتبطة بالفساد في ظل حالة عدم الاستقرار، ووضع معايير واضحة لتوجيه الخطط والإجراءات المستقبلية، سعيا لبلورة ضمانات عملية تشمل حماية المجتمع المدني وتمكينه من الرقابة، ووضع آليات رقابة مستقلة على التمويل والإغاثة وإعادة التأهيل، وتوفير بيانات مفتوحة للمؤسسات والجمهور، بهدف بناء منظومة شفافة وعادلة في إدارة الموارد الوطنية والدولية خلال مرحلة التعافي المبكر.

تعدد الأطراف المحلية والدولية دون وضوح الأدوار يزيد من تعقيد عملية التعافي

افتتح المؤتمر نائب رئيس مجلس إدارة ائتلاف أمان، الدكتور نادر أبو شرخ، خلال كلمته الافتتاحية، أن مرحلة التعافي المبكر في قطاع غزة بعد الحرب تمثل مرحلة حساسة تتطلب التركيز على النزاهة والشفافية والعدالة في جميع مراحل التخطيط والتنفيذ والرقابة. وأوضح أبو شرخ أن الدمار الكبير الذي خلفته الحرب لم يقتصر على الخسائر البشرية، بل طال البنية المؤسسية والمجتمعية، ما يجعل الحاجة إلى ضوابط رقابية صارمة أمرًا بالغ الأهمية لضمان وصول المساعدات والخدمات إلى مستحقيها.

وأشار أبو شرخ إلى أن التعافي في ظل تعدد الأطراف المحلية والدولية يزيد من تعقيد العملية ويضع تحديات غير مسبوقة أمام ضمان النزاهة ومنع الفساد. وشدد على أن التنسيق الفعّال، وتفعيل آليات مستقلة للمساءلة، ووضع قواعد واضحة لتبادل المعلومات، تعد ركائز أساسية لضمان حقوق المواطنين. كما أكد أن دور أمان يتمثل في دعم المرجعيات الفلسطينية وتعزيز شفافية التمويل والعقود، ومراقبة العمليات في القطاعات الحيوية، مع العمل على تمكين المجتمع المدني من الرقابة وتوفير بيانات مفتوحة لبناء منظومة شفافة وعادلة خلال مرحلة التعافي المبكر.

أهمية توحيد الجهود الوطنية لمواجهة تحديات المرحلة الثانية من الاتفاق

أكد د. عزمي الشعيبي، مستشار مجلس إدارة ائتلاف أمان لمكافحة الفساد، في مدخل مفاهيمي على ضرورة توحيد الجهود الوطنية لمواجهة تحديات المرحلة الثانية من الاتفاق وضمان النزاهة ومكافحة الفساد في إطار وطني متماسك، مشيراً أن المرحلة الثانية من الاتفاق لم تبدأ بعد بشكل رسمي، وأن الأطراف الدولية والإقليمية، إلى جانب المشاركة غير المباشرة لبعض الأطراف الفلسطينية، لم تحدد جدولاً زمنياً واضحاً لتنفيذ بنود المرحلة الثانية، ما يضع الجانب الفلسطيني الأكثر حاجة لتطبيق الاتفاق تحت ضغط مستمر يتم استخدامها لتأجيلات متكررة.

غياب الإطار القانوني والمؤسسي الجامع يزيد من فرص انتشار الفساد

وقد حذّر الشعيبي من أن الاتفاق ترك فراغات كبيرة في تفاصيل إدارة الحكم وملف التعافي وإعادة الإعمار، موضحاً أن مجلس السلام الدولي الذي أنشئ برئاسة الرئيس الأمريكي ترامب لم يتم تحديد دوره بدقة، بما في ذلك صلاحياته في إدارة المشاريع والصناديق المالية والاستثمارات، إضافة إلى غياب إطار واضح لتحديد أولويات التمويل والأنظمة المالية والإدارية، مع تحميل البنك الدولي مسؤولية بعض هذه الملفات. وأضاف أن توزيع المساعدات الأولية غير محدد بدقة، خصوصاً مع دور الاحتلال الإسرائيلي المعيق كونه المسيطر على الحدود، ما يستلزم بلورة رؤية فلسطينية واضحة تركز على مصلحة الشعب بعيداً عن الحسابات الحزبية والفصائلية.

وأشار الشعيبي إلى التحدي الثاني الذي يكتنف المرحلة الثانية، وهو غياب الإطار المرجعي القانوني للأجسام الجديدة التي سيُنشئها مجلس السلام، سواء كان ذلك للأجهزة التنفيذية الفلسطينية أو الهيئات التي يديرها خبراء دوليون. ولفت الشعيبي إلى أن غياب هذا الإطار سيترك الباب مفتوحاً أمام التدخلات الدولية والإسرائيلية واعاقة تنفيذ المرحلة الثانية من الأتفاق. وأكد أن الحلّ يكمن في بلورة إطار فلسطيني وطني يستند إلى التشريعات القائمة أساها القانون الأساسي، وعلى نحو يقوي دور مؤسسات المجتمع المدني في الرقابة والمساءلة، ويحمي العملية الوطنية من محاولات تدويل التشريعات أو استغلال الفراغ القانوني لتعطيل التعافي.

إنشاء مرصد رقابي جامع للبيانات لتعزيز الشفافية في التعافي بغزة

وقد حذر الشعيبي من أن البيئة الحالية، التي تضم أطرافاً محلية ودولية متعددة وتدفقاً مرتقباً للأموال، توفر فرصاً كبيرة لانتشار الفساد في حال غياب آليات مركزية قوية. وأوضح أن تجارب دول مثل العراق ولبنان أظهرت أن تعدد الأطراف دون إطار رقابي موحد يزيد من احتمالات الإفلات من العقاب، ما يستدعي تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد بشكل ممنهج. وشدد على أهمية وضع خطط وطنية لمكافحة الفساد، وإنشاء شبكة موحدة لتنظيم الدور الرقابي للجماعات والمؤسسات، مع بناء قدرات المتابعة وإنشاء مرصد رقابي في قطاع غزة يجمع كل البيانات ويضمن نشرها من قبل جميع الجهات المسؤولة عن التعافي.

وأكد الشعيبي أن نجاح أي خطة لمكافحة الفساد يعتمد على توظيف الدعم الدولي بشكل فعال، بما في ذلك الرقابة على تنفيذ الأموال والمشاريع من قبل المؤسسات الدولية والقطاع الخاص. وأوضح أن هذا الدعم الدولي يجب أن يرتبط بمعايير الشفافية والنزاهة، لتجنب استغلال الفرص للتحايل أو خلق احتكارات، مشيرا أن أمان بدأت بتنسيق جهودها مع منظمة الشفافية الدولية لتوظيف مكانتها العالمية، وللمساهمة في ادارة حملات ضغط دولية لضمان التزام الجهات المانحة بالمعايير الدولية.

تحديات إعادة الإعمار في غزة: هشاشة الحوكمة ومخاطر التسييس

أظهرت ورقة الباحث طلال أبو ركبة أن عملية إعادة الإعمار في غزة تواجه تحديات مركبة، تتعلق بنقص التنسيق بين الجهات المحلية والدولية وتعدد المرجعيات، ما يضعف فعالية الرقابة ويهدد الشفافية في توزيع الموارد. وأشارت الورقة إلى أن اعتماد التمويل الخارجي المشروط، إلى جانب ضعف الأنظمة المالية وقواعد البيانات، يخلق بيئة محفوفة بمخاطر الفساد والتسييس، ويحد من القدرة على توجيه الموارد إلى الاحتياجات الفعلية للسكان.

وأكدت الورقة أن غياب إطار تشريعي موحد ومنظومة رقابية قوية، بالإضافة إلى ضعف مشاركة المجتمع المحلي والكوادر التقنية، يزيد من تعقيد عملية التنفيذ ويعرض المشاريع الحيوية لخطر التباطؤ أو الانحراف عن أولويات التعافي. كما شددت على أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة تؤثر مباشرة على كفاءة توزيع الموارد، ما يجعل وجود بيئة حوكمة رشيدة ومؤسسات مستقلة لمتابعة التنفيذ شرطًا أساسيًا لضمان إعمار عادل وفعّال.

إعداد خطة وطنية لتقييم الأضرار وحصرها في قاعدة بيانات موحدة

قدمت الورقة مجموعة من التوصيات العملية لتعزيز الشفافية والمساءلة في إعادة الإعمار، تشمل إعداد خطة وطنية لتقييم الأضرار وحصرها في قاعدة بيانات موحدة، وإنشاء هيئة تنسيقية تجمع البلديات والوزارات والمجتمع المدني والمانحين ضمن ميثاق واضح يحدد الصلاحيات وآليات اتخاذ القرار. كما دعت الورقة إلى اعتماد معايير النزاهة في التعاقد مع الشركات، وضمان الإفصاح الكامل عن التمويل والمشاريع، والاستعانة بمؤسسات دولية مثل منظمة الشفافية الدولية لمراقبة الالتزام بالمعايير.

وشملت التوصيات أيضًا بناء القدرات المحلية، وإعداد وحدات تنفيذ متخصصة، وإنشاء نظام رصد لمؤشرات الأداء، وتفعيل آليات تدقيق فني ومالي مستقلة، مع التركيز على حماية الفئات الضعيفة وإدماج معايير الحماية في كل مراحل التنفيذ. وأكدت الورقة أن نجاح عملية الإعمار لن يعتمد فقط على التمويل، بل على قدرة المؤسسات الفلسطينية والدولية على اعتماد نموذج حوكمة قائم على النزاهة والشفافية والمساءلة، بما يضمن تعافياً مستداماً واستعادة حياة كريمة لسكان غزة.

إدارة المساعدات الإنسانية: ضرورة تبني سجل وطني للمستفيدين

فيما أكدت ورقة الباحث عبد المنعم طهراوي أن إدارة المساعدات الإنسانية في غزة تواجه تحديات غير مسبوقة، تشمل تعدد المرجعيات الحاكمة، والقيود الإسرائيلية على المعابر، وتسييس المساعدات، وضعف التنسيق بين الجهات المحلية والأممية، وغموض قواعد البيانات، ما يزيد من احتمالات التمييز أو الاستبعاد غير العادل. وأشارت الورقة إلى أن هذه التحديات، إذا لم تُعالج، قد تضعف الثقة المجتمعية وتعيق العدالة في الوصول إلى المساعدات خلال مرحلة التعافي.

وقدمت الورقة توصيات لتعزيز النزاهة والشفافية تشمل إنشاء مرجعية قرار موحدة، وتبني سجل وطني للمستفيدين قابل للتشغيل البيني، وتفعيل آليات حماية البيانات، وتعزيز دور التنسيق الأممي، وتوحيد إجراءات التسجيل والتوزيع، وربط التمويل بالالتزام بالشفافية، إلى جانب توسيع الرقابة المجتمعية وإشراك الفئات الضعيفة في وضع معايير الاستهداف لضمان توزيع عادل وحماية منظومة الإغاثة من التسييس والانحراف.

تحديات قطاع التعليم في غزة: خطة شاملة وتبني نموذج تعليمي وجاهي رقمي

أبرزت ورقة الباحث بدر حمدان حجم التحديات التي يواجهها قطاع التعليم في غزة بعد الحرب، مشيرة إلى الدمار الكبير الذي لحق بالمؤسسات التعليمية والبنية التحتية والكوادر الأكاديمية. وأوضحت الورقة أن غياب رؤية وطنية موحدة وضعف الحوكمة والتنسيق بين الجهات المحلية والدولية، إضافة إلى القيود على المواد التعليمية والفجوات النفسية والتربوية، كلها عوامل تزيد من صعوبة استئناف التعليم بشكل عادل وآمن. كما سلطت الورقة الضوء على المخاطر المرتبطة بالفساد والتسييس في توزيع الموارد التعليمية، والتي تهدد استدامة جهود التعافي وتعزيز العدالة في الوصول إلى التعليم.

وأوصت الورقة بوضع خطة شاملة لإعادة تأهيل القطاع التعليمي تشمل حصر دقيق للأضرار، وحشد تمويل دولي منظم وشفاف، وتبني نموذج تعليمي وجاهي–رقمي، وتوفير مبانٍ بديلة بشكل عادل، إلى جانب اعتماد رؤية وطنية تشاركية بعد التعافي، وبرامج دعم مالي للطلبة، وتخطيط جغرافي عادل لإعادة البناء، وإنشاء منصة رقمية للطوارئ وتعزيز الدعم المستدام للجامعات، مع التأكيد على آليات الشفافية والحوكمة والمساءلة لضمان تعافٍ مستدام وعادل.

هيئة وطنية مستقلة للإشراف على قطاع الإيواء

ركزت ورقة الباحث هشام الكحلوت على ابرز التحديات المتعلقة بالنزاهة وشفافية وعدالة الإجراءات والمعايير المتعلقة بتحديد المستحقين للإيواء المؤقت، إضافة الى بيان وتحديد الضمانات التي ينبغي توفرها في ظل الواقع المستجد لتعزيز النزاهة والشفافية والمساءل وتقليل مخاطر الفساد في إدارة ملف الايواء.

حذّرت الورقة من مخاطر رئيسية تهدد النزاهة والحياد والمساءلة في قطاع الإيواء خلال مرحلة التعافي في غزة، يتمثل أولها في اعتماد مجلس السلام آليات تعيين غير نزيهة لاختيار جهات الإشراف، ما يجعل الجهات المشرفة خاضعة لأجندات سياسية خارجية، ويقوّض قدرة المجتمع المدني على الرقابة، ويزيد احتمالات اللجوء لممارسات فساد، إضافة إلى إمكانية خصخصة خدمات وعمليات قطاع الإيواء ومنح امتيازاتها لشركات عابرة للقارات، وهو ما قد يفتح الباب أمام شبهات فساد دولية نتيجة تداخل مصالح الدول المانحة مع الشركات متعددة الجنسيات. ناهيك عن مخاطر التصرف بالأراضي المملوكة للدولة من قبل مجلس السلام والكيانات التشغيلية التابعة له دون الالتزام بالمرجعيات الوطنية والقانونية، ما قد يفتح المجال لممارسات فساد تتعلق باستخدام الأراضي والمبادلة ومنح حقوق الامتياز والتثمين، ويهدد العدالة في توزيع الموارد الحيوية خلال مرحلة التعافي.

إنشاء هيئة وطنية مستقلة لضمان حيادية وفاعلية الرقابة

أوصت الورقة بمجموعة من التدابير لمواجهة المخاطر التي تهدد قطاع الإيواء في غزة، أبرزها تعزيز الرقابة الوطنية والمشاركة المجتمعية. وتشمل التوصيات على ضمان تمثيل فلسطيني حقيقي في مجلس الإيواء، أبرزها إنشاء هيئة وطنية مستقلة تضم ممثلين عن الجهات الدولية والمجتمع المدني والجهات المشغّلة لضمان رقابة حيادية وفعّالة، إضافة إلى تطوير إطار وطني موحّد لعمليات التوريد والمشتريات يضمن معايير فنية موحدة ورقابة صارمة، واعتماد إطار قانوني شامل لإدارة استخدامات الأراضي المملوكة للدولة يقوم على التثمين الموضوعي والإفصاح الدوري.

إنشاء مرصد مستقل للإجلاء الطبي وآلية لاستقبال التظلمات

قدم الباحث سامي أبو شمالة ورقة بحثية حول "ضمانات النزاهة والعدالة في إدارة ملف الإجلاء الطبي من قطاع غزة خلال مرحلة التعافي المبكر"، خاصة في ظل انهيار شبه كامل للقطاع الصحي وتعدد الجهات المتدخلة وغياب الإطار القانوني والمؤسسي الموحد.

تشير الورقة إلى أن مسار الإجلاء الطبي يتألف من عدة مراحل إجرائية معقدة تتطلب تنسيقاً دقيقاً بين الجهات المحلية والدولية، إلا أن هذا المسار يعمل في بيئة مضطربة تفتقر إلى اعتماد مرجعية فلسطينية موحدة، مع ضعف آليات المساءلة على اللجنة الطبية ومنظمة الصحة العالمية، وسيطرة الاحتلال الإسرائيلي على المعابر والموافقات الأمنية. وأكد الباحث أن هذه الظروف تفضي إلى تفاوتات غير مبررة بين الحالات، وتأخير خطير يهدد حياة المرضى، بالإضافة إلى ازدياد فرص اللجوء للواسطة أو دفع الرشاوى أو عرضة للتسييس والتحايل، ما يهدد العدالة والشفافية في توزيع خدمات الإجلاء الطبي.

دعت الورقة إلى إنشاء مرصد مستقل للإجلاء الطبي، ومسار للتظلمات والشكاوى، وبناء أدوات تعزز من شفافية ادارة هذا الملف تشمل السجل الوطني ودليل مدني لمعايير الأولوية والعدالة. كما أوصت بالضغط على الجهات الدولية، بما فيها منظمة الصحة العالمية ومكتب الرقابة الداخلية للأمم المتحدة، لنشر بيانات دورية وتعيين مستشار للنزاهة والاستقلالية في مكتب غزة، وتحويل الملف بعيداً عن التسييس عبر تحالفات مع منظمات طبية وحقوقية دولية. وأكدت الورقة أهمية حماية الفئات الأكثر ضعفاً، وزيادة عدد فرص العلاج وتحسين الكفاءة التشغيلية للمستشفيات في القطاع، لضمان وصول العلاج إلى مستحقيه دون تمييز أو إهمال.

المخاطر المؤسسية التي تواجه قطاع العدالة

وقدمت الباحثة آية المغربي ورقة بحثية بعنوان "ضمانات النزاهة والفاعلية في قطاع العدالة خلال مرحلة التعافي في قطاع غزة"، مؤكدة أن قطاع العدالة يُعد مكونًا رئيسيًا لضمان سيادة القانون، مع التنويه أن جميع مكونات العدالة من قطاع الشرطة المدنية، والنيابة العامة، المحاكم بأنواعها، والمحامين، قد استُهدفت بشكل ممنهج خلال جريمة الإبادة الجماعية، إضافة إلى غياب إطار قانوني موحد ينظم عملها.

أشارت الورقة أن الظروف الراهنة ترفع احتمالات عدم المساواة في التعامل مع القضايا، إضافة إلى غياب جهة رقابية مستقلة تتابع عمل القضاة والنيابة العامة يفاقم المخاطر، ويتيح احتمالية اللجوء إلى الممارسات غير النزيهة مثل الواسطة أو التحايل على الإجراءات الرسمية، ما ينعكس سلبًا على مصداقية قطاع العدالة.

أهمية التوافق الوطني على استراتيجية موحدة لإعادة بناء قطاع العدالة

دعت الورقة إلى ضرورة توحيد الهياكل القضائية بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وإنشاء جسم قضائي يمثل كل الفلسطينيين، ويعتمد على معايير النزاهة والكفاءة والحياد. كما شددت على أهمية التوافق الوطني على استراتيجية موحدة لإعادة بناء قطاع العدالة، تشمل تحديد الهياكل التنظيمية، نطاقات الإشراف، حدود المسؤوليات، وآليات المساءلة الرأسية والأفقية، إلى جانب اعتماد نظم مالية وإدارية شفافة وتسهيل تدفق البيانات بين المؤسسات القضائية ومنظمات المجتمع المدني، سعيا لتعزيز استقلالية القضاء من أي تدخلات سياسية أو حزبية.

ضرورة تبني استراتيجية وخطة وطنية موحدة لإدارة مرحلة التعافي المبكر

استعرض عضو مجلس إدارة ائتلاف أمان في غزة، يسري درويش في قراءته للبيان الختامي لمؤتمر أبرز الاستخلاصات لإدارة التعافي مع ثلة من التوصيات الواجب عملها. وأشار البيان إلى أن تعدد المرجعيات التشريعية والمؤسساتية، وتداخل الأدوار المحلية والإقليمية والدولية، في ظل غياب منظومة فلسطينية وطنية موحدة لإدارة التعافي، يزيد من مخاطر الانحراف في إدارة الخدمات العامة واستغلال السلطة لأغراض غير مشروعة.

كما أشار البيان إلى أن تعدد الأطراف المتدخلة، بما في ذلك مجلس السلام، وقوة الاستقرار، وصندوق التمويل الدولي، والجهات الفلسطينية الرسمية والأهلية، يزيد من احتمال تهميش القرار الوطني الفلسطيني، نتيجة سياسات الاحتلال الإسرائيلي وضعف الجاهزية المؤسسية الناتجة عن الانقسام وغياب المرجعيات الموحدة. وأوضح أن المرحلة المقبلة تُعد الأكثر عرضة لمخاطر الفساد وإساءة استخدام السلطة، خاصة مع استمرار الاحتلال في التحكم بالمعابر والموارد الحيوية، واستخدام ملف المساعدات كأداة ضغط، وفرض نماذج إدارة خارجية لا تخضع للمساءلة الشعبية.

اعتماد التشريعات والبنى المؤسسية الفلسطينية الموحدة في ادارة قطاع غزة

ودعا البيان إلى تعزيز وحدة الإطار المؤسسي الفلسطيني على مستوى الضفة وغزة، واستثمار الدور العربي والإقليمي، مع الالتزام بالنزاهة والعدالة في جميع مجالات التعافي. وشدد المؤتمر على ضرورة تبني استراتيجية وطنية موحدة لإدارة مرحلة التعافي المبكر وما يليها، تستند إلى قيم الشفافية ونظم المساءلة، وتشمل اعتماد التشريعات والبنى المؤسسية الفلسطينية الموحدة، وإجراء انتخابات محلية وتشريعية ورئاسية موحدة، وحماية البنى المجتمعية الجامعة وتعزيز دور الاتحادات والنقابات والغرف التجارية.

كما أكدت الاستراتيجية على تمكين الجهات الرقابية الرسمية من أداء دورها، وتعزيز الرقابة المجتمعية، وإنشاء منصات وطنية موحدة للبيانات تشمل البنية التحتية المتضررة، التعليم، النازحين، المرضى والإجلاء الطبي، وسجل موحد للمساعدات الإنسانية، مع إلزام جميع الأطراف المحلية والدولية بنظام إفصاح شفاف، واعتماد معايير الكفاءة والنزاهة في اختيار أعضاء اللجان، ونشر جميع خطط التعافي والتقارير المالية والإدارية وقوائم المستفيدين، وإنشاء هيئة تنسيقية وطنية مؤقتة لإعادة تأهيل البنية التحتية، وإعادة تمكين وكالة الأونروا لتنسيق الإغاثة الإنسانية، وإعداد خطة وطنية لإعادة تشغيل منظومة القضاء تدريجيًا، وتطوير برامج توعية حول النزاهة ومكافحة الفساد.

بناء الثقة واستعادة الحق الفلسطيني

واختتم البيان بدعوة المجتمع الدولي لإحترام وحدة المؤسسات الفلسطينية وإطارها القانوني، ورفض استخدام المساعدات كأداة للهندسة السياسية أو الاجتماعية، مع ضمان الإفصاح الكامل عن التمويل وآليات التنفيذ. وأكد المؤتمر أن نجاح التعافي مشروط بوجود منظومة حكم شفافة، خاضعة للمساءلة، قادرة على حماية القرار الوطني الفلسطيني، وتعزيز صمود الشعب وضمان حقوقه في الحرية والكرامة والمساواة. وخلص البيان إلى أن إعادة إعمار غزة لا تبدأ بالإسمنت فحسب، بل تبدأ باستعادة منظومة النزاهة وبناء الثقة وصون الحق الإنساني والوطني للفلسطينيين في إدارة مستقبلهم بأنفسهم.


توصيات المؤتمر الواردة في البيان الختامي

فيما يخص إدارة الشأن العام في قطاع غزة، أوصى البيان باعتماد التشريعات الفلسطينية والبنى الفلسطينية الموحدة كإطار مرجعي تشريعي ومؤسساتي للمسؤولين والعاملين الفلسطينيين، إضافة إلى اعتبار متطلبات الإصلاح الواردة في الخطة الدولية فرصة لإجراء انتخابات محلية وتشريعية ورئاسية موحدة في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس. كما دعا إلى الحفاظ على البنى الهيكلية التي توحّد المجتمع الفلسطيني وتعزيز دورها، بما يشمل الاتحادات والنقابات والغرف التجارية.

أما على صعيد مواجهة مخاطر الفساد وتعزيز ضمانات النزاهة والشفافية والمساءلة في إدارة عملية التعافي وإعادة الإعمار، فقد أوصى المؤتمر في بيانه الختامي بتفعيل المؤسسات الرقابية الرسمية، كديوان الرقابة المالية والإدارية وهيئة مكافحة الفساد ووحدات الشكاوى، وتمكينها من ممارسة دورها في قطاع غزة وفقًا للتشريعات الفلسطينية ذات العلاقة. كما دعا إلى تعزيز الجهود المجتمعية في المساءلة، بما يشمل مؤسسات المجتمع المدني والإعلام والنقابات، للرقابة على إدارة عملية التعافي وإعادة الإعمار.

وفي السياق ذاته، أوصى المؤتمر بإنشاء واعتماد منصات وطنية موحدة للبيانات تشمل: بيانات التعليم، سجل الأضرار في البنية التحتية، سجل المرضى وحالات الإجلاء، قاعدة بيانات النازحين، وسجل المستفيدين من الإغاثة والمساعدات الإنسانية، إلى جانب إنشاء إطار وطني ناظم لمرحلة التعافي يتضمن تشكيل مرجعية وطنية موحدة تتولى التنسيق والرقابة على جميع القطاعات، وإلزام الأطراف كافة – المحلية والدولية – بالعمل وفق نظام شفاف للإفصاح عن التمويل والبيانات.

وعلاوة على ذلك، أوصى المؤتمر بضرورة اعتماد التشريعات الناظمة لعمليات الشراء العام الفلسطينية، بما يضمن شفافية ونزاهة العطاءات والترسية والإفصاح عن المستفيدين والمالكين الحقيقيين للشركات، إلى جانب اعتماد معايير النزاهة والمهنية والكفاءة في عضوية اللجان المشرفة على إعداد خطط التعافي ومنع تسييسها أو تأثرها بالمحسوبية والمحاباة. كما أكد على ضرورة نشر جميع خطط التعافي القطاعية للعموم، بما يشمل بيانات التمويل والتقارير المالية والإدارية وبيانات المستفيدين ومعايير اختيارهم، إضافة إلى تأسيس هيئة تنسيقية مؤقتة تعمل على توحيد جهود الجهات المحلية في إعادة تأهيل البنية التحتية (البلديات والوزارات والقطاع الخاص) والمجتمع المدني والنقابات المهنية والمانحين الدوليين، وذلك ضمن ميثاق شفاف يحدد الصلاحيات وآليات اتخاذ القرار، إلى جانب إنشاء سجل وطني لشركات المقاولات.

كما أوصى المؤتمر بإعادة الاعتبار لوكالة الأونروا بوصفها جهة مركزية لتنسيق الإغاثة، ورفع الوعي بمنظومة النزاهة ومكافحة الفساد لدى العاملين والقائمين على إدارة عملية التعافي وتوزيع المساعدات. ودعا كذلك إلى تطوير خطة وطنية لإعادة تشغيل النظام القضائي تدريجيًا، وتوثيق جميع انتهاكات فترة الحرب وإسنادها لآليات المساءلة الدولية، على أن يبدأ فورًا، وعلى جميع المستويات، العمل على توحيد مكونات العدالة وجهاز القضاء بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وتوحيد التشريعات والقوانين والإجراءات المرجعية المعمول بها.

لمشاهدة عضو مجلس إدارة ائتلاف أمان، السيد يسري درويس يقرأ البيان الختامي للمؤتمر