قصة وفاء : نساء فلسطين... صبرٌ لا يُكسر وحبّ لا يشيخ

القاهرة - زمن FM- في مشهدٍ تختلط فيه الدموع بالفرح، استقبلت زوجة الأسير الفلسطيني المحرر أكرم أبو بكر زوجها بعد أكثر من 23 عامًا من الفراق القاسي، في القاهرة بعد أن تم نفيه، لتتجدد قصة حبٍّ تحدّت الجدران الحديدية والزمن والاحتلال.

قصة بدأت حين حُكم على أكرم بالسجن المؤبد، فاختار – بدافع من الحب والمسؤولية – أن يطلّق زوجته حتى لا يقيّد حياتها بانتظاره الطويل. لكنه لم يدرك أن حبّها له كان أقوى من أي قرار، فرفضت أن تبني حياة جديدة، وفضّلت أن تبقى على عهده، تنتظر اليوم الذي يعود فيه حُرًّا إلى حضنها.

واليوم، وبعد أن نال أكرم حريته ضمن صفقة التبادل الأخيرة، التقت الأرواح من جديد، وتجدد عقد الزواج ليعيد لهما القدر ما سرقه الاحتلال، في لحظةٍ وصفها الحاضرون بأنها "عرس للوفاء الفلسطيني".

هذه الحكاية ليست استثناءً في فلسطين، بل هي صدى لآلاف النساء اللواتي يصنعن من الانتظار والألم حكايات أملٍ وصمود. فنساء فلسطين، وخاصة زوجات الأسرى، يُجسّدن معاني الصبر والعطاء بأبهى صورها، حيث لم تهزمهنّ سنوات الغياب، ولا القضبان، ولا الظروف القاسية.

نساء تحدّين الغياب... وأنجبن الأمل

من رحم المعاناة، خرجت أيضًا قصص الحمل من نطف الأسرى المهربة، التي تحوّلت إلى رمزٍ عالميٍّ للتحدي والإصرار على الحياة. عشرات النساء الفلسطينيات قرّرن أن يُنجبن من أزواجهن الأسرى، متحدّيات جدران السجون وممارسات الاحتلال، لتولد الحياة رغم القيود، ويولد "أطفال الحرية" كأجمل تعبير عن الصمود والإصرار على الاستمرار.

تلك الولادات لم تكن مجرّد حدثٍ طبي، بل فعل مقاومة إنسانيّ، ورسالة للعالم بأن الأسر لا يوقف الحياة، وأن الأمل يمكن أن يُهرّب مع قطرة نطفة، لتصنع أمًّا تزرع البسمة في وجه الحزن.

وفاء لا يُشبه سوى فلسطين

في كل بيتٍ فلسطيني، حكاية صبرٍ على الغياب، ووفاءٍ ينتظر اللقاء. نساءٌ يربّين أبناءهن على القوة، ويحملن وجع الفقد بصمتٍ يشبه البطولة. منهنّ من انتظرت عقودًا، ومنهنّ من أنجبت وهي تعرف أن الأب لن يرى ابنه قريبًا، لكنّهن جميعًا يحملن الإيمان بأن الحرية قادمة، وأن الفرح وإن تأخر... لا بد أن يعود.