قمة الدوحة الطارئة.. اختبار للعرب والمسلمين في مواجهة أحلام التوسع ونوازع الغطرسة

د. سعيد شاهين: قمة الدوحة ضرورة قصوى ولن تكون شكلية أو رمزية بل قد تشهد خطوات عملية ورادعة لكبح جماح الاحتلال

نور عودة: فرصة لإظهار التضامن من خلال خطوات عملية تحدد مدى القدرة على مواجهة اعتداءات إسرائيل وتعزيز دور قطر

د. عبد المجيد سويلم: القمة قد تقتصر على بيانات الشجب والاستنكار ورفع سقف الخطاب السياسي دون أن تترافق مع إجراءات رادعة

د. رهام عودة: من غير المستبعد تعليق الدور القطري في الوساطة وكذلك إعلان الوفد الإسرائيلي "غير مرحب به" في الدوحة

نزار نزال: القمة المرتقبة تحمل رسائل سياسية بالغة الأهمية سواء تجاه إسرائيل أو المجتمع الدولي أو الشعوب العربية والإسلامية

د. محمد الطماوي: القمة تُظهر أن القضية لم تعد مقتصرة على غزة فقط بل تحولت إلى مسألة أمن إقليمي تمسّ الكرامة والسيادة العربية

 

 

تستعد العاصمة القطرية الدوحة لاستضافة قمة عربية – إسلامية طارئة غدًا الأحد، في وقت تشهد فيه المنطقة تصعيداً متنامياً إثر الهجوم الإسرائيلي على قادة حركة حماس داخل قطر، وتكتسب القمة أهمية استثنائية، إذ تتجاوز سياق حرب غزة لتتحول إلى قضية أمن إقليمي تتعلق بالكرامة والسيادة العربية، وتطرح تساؤلات حول مدى قدرة الدول المشاركة على اتخاذ موقف موحد وفعّال تجاه التهديدات الإسرائيلية.

وتحمل القمة، بحسب تحليلات كتاب ومحللين ومختصين وأساتذة جامعات، في أحاديث منفصلة لـ"ے"، رسائل متعددة، أبرزها رفض استهدف سيادة الدول العربية، والتأكيد على دعم قطر في دورها كوسيط أساسي، ورفض أي محاولات لاستهداف هذا الدور أو تعطيله، إضافة إلى رسالة رمزية وعملية لدعم الشعب الفلسطيني والحفاظ على حقوقه السياسية والإنسانية. 

ويؤكد الكتاب والمحللون والمختصون وأساتذة الجامعات أن القمة المرتقبة تضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، مطالبة بوقف تجاوز القوانين الدولية وحماية استقرار المنطقة من أي اعتداءات مستقبلية.

أما مخرجات القمة المحتملة، فتنطوي بحسب الكتاب والمحللين والمختصين وأساتذة الجامعات، على عدة سيناريوهات، بدءاً من إصدار بيانات إدانة قوية للعدوان الإسرائيلي والحفاظ على وحدة الموقف العربي والإسلامي، مروراً بتحرك دبلوماسي منظم عبر لجان وزارية عربية وإسلامية لممارسة الضغط على إسرائيل عبر الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وصولاً إلى خطوات أكثر تصعيداً تشمل عقوبات اقتصادية أو مراجعة اتفاقيات التطبيع، بل وربما فرض إجراءات لحماية الوسطاء وضمان استمرارية مسارات التفاوض، ما يجعل القمة فرصة لتحديد سقف التحركات العملية والسياسية في مواجهة التحديات الراهنة.

 

إسرائيل تواصل تنفيذ مخططاتها لزعزعة الاستقرار في المنطقة 

يؤكد أستاذ الإعلام السياسي في جامعة الخليل، د. سعيد شاهين، أن القمة المزمع عقدها في العاصمة القطرية الدوحة الأسبوع المقبل، تمثل "ضرورة قصوى" في ظل تعاظم التحديات والتهديدات التي تفرضها إسرائيل بدعم مباشر من الولايات المتحدة الأمريكية، بعد العدوان الأخير على قطر ومحاولة اغتيال الوفد الفلسطيني المفاوض المتمثل بقيادة حركة "حماس"، إلى جانب استمرار حرب الإبادة في غزة بكل أبعادها الإنسانية.

ويوضح شاهين أن إسرائيل لا تكتفي بعدوانها على غزة، بل تواصل تنفيذ مخططاتها لزعزعة الاستقرار في المنطقة وتقويض السلم الإقليمي والدولي، مستفيدة من غطاء الإدارة الأميركية بقيادة دونالد ترامب وبعض الدول الغربية التي تقف إلى جانبها. 

ويشير شاهين إلى أن الاحتلال بات "يعربد في المنطقة" بعد استهدافه إيران ولبنان واليمن وسوريا، فضلاً عن مواصلته حرب التدمير والتجويع والتطهير في القطاع المحاصر.

 

رسائل متعددة للقمة

ويلفت شاهين إلى أن القمة تحمل رسائل متعددة، أبرزها أن الدول المشاركة تدرك حجم التهديد للأمن القومي العربي وسيادة الدول، والانتهاك الصارخ للقوانين والأعراف الدولية. 

أما الرسالة الأهم للقمة، بحسب شاهين، فهي تأكيد وقوف الدول الإسلامية إلى جانب قطر في مواجهة "العدوان السافر"، الذي لا يستهدف الدوحة وحدها بل يهدد دول الخليج والمنطقة العربية والإسلامية برمتها.

ويلفت إلى أن القمة لن تكون شكلية أو رمزية، بل قد تشهد خطوات عملية ورادعة لكبح جماح الاحتلال الإسرائيلي في حال استمر في عدوانه. 

وحول السيناريوهات المحتملة، يتوقّع شاهين أن يصدر بيان ختامي يدعو إسرائيل إلى احترام سيادة الدول وأمنها واستقرارها، خصوصاً دولة قطر التي تبذل جهوداً مكثفة لتقريب وجهات النظر والوصول إلى اتفاق يوقف "جريمة الإبادة الجماعية" في غزة.

ولم يستبعد شاهين أن تتخذ بعض الدول المشاركة إجراءات تتجاوز الشجب والإدانة، لتشمل قطع العلاقات التجارية والدبلوماسية مع إسرائيل ووقف اتفاقات التطبيع.

لكن شاهين يستبعد في المقابل الذهاب إلى حالة تصعيد واسعة النطاق، محذراً من أن أي انزلاق إلى مواجهة مفتوحة قد يقود المنطقة إلى "مآلات لا تُحمد عقباها".

 

الحد الأدنى من الواجب تجاه دولة عربية وإسلامية 

تعتبر الكاتبة والمحللة السياسية المتخصصة في الشؤون الدبلوماسية والعلاقات الدولية، نور عودة، أن الدعوة لعقد قمة عربية– إسلامية في العاصمة القطرية الدوحة تمثل الحد الأدنى من الواجب تجاه دولة عربية وإسلامية تعرضت لاعتداء غير مسبوق، مؤكدة أن انعقاد القمة يشكل اختباراً حقيقياً لقدرة الدول العربية والإسلامية على التصرف بشكل موحّد في مواجهة هذا النوع من التحديات.

وتشير عودة إلى أن الرسالة الأساسية للقمة ستكون رسالة قوة واضحة، تهدف إلى إيصال موقف موحد تجاه العدوان الإسرائيلي، مشيرة إلى أن التحضيرات لهذه القمة ستكون حاسمة لتحديد طبيعة الخطوات العملية التي قد تتخذها الدول المشاركة، بما يعكس الدعم السياسي والدبلوماسي والأمني لقطر. 

 

الاعتداء على قطر جاء في سياق مختلف 

وتوضح عودة أن الاعتداء على قطر جاء في سياق مختلف عن أي اعتداء سابق على دول عربية أو إسلامية، إذ تم بعد ضمانات أمريكية محددة وتعهدات إسرائيلية بعدم ملاحقة قيادات حركة "حماس" في الدوحة احتراماً لدور قطر في الوساطة. 

بالإضافة لكل ما سبق، تشير عودة إلى البعد الأمني الأوسع لهذا العدوان بالنسبة لقطر ودول الخليج بشكل عام وضرورة تقييم ما إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية حليفاً أمنياً يعول عليه في صد النهج العدواني الاسرائيلي وما تمارسه من عربدة، ما يجعل من رد الفعل العربي والإسلامي في غاية الأهمية.

وحول السيناريوهات المتوقعة لمخرجات القمة، تشير عودة إلى أن التفاصيل لم تتضح بعد، لكن من المرجح أن تشمل الخطوات العملية بعض الإجراءات الاقتصادية والدبلوماسية، مثل تعليق أو تقليص التعاملات التجارية مع إسرائيل، وعدم استقبال مسؤولين إسرائيليين، إضافة إلى إمكانية اتخاذ قرارات رمزية قوية تعكس التضامن مع قطر. 

وتؤكد عودة أن حجم الرد العربي والإسلامي سيعتمد بشكل كبير على ما ستطلبه قطر من الدول المشاركة، مشيرة إلى أن موقف الدوحة سيكون محورياً في صياغة مخرجات القمة وتحديد سقف التحركات الممكن اتخاذها.

وترى عودة أن انعقاد القمة يمثل فرصة لإظهار التضامن العربي والإسلامي، ليس فقط على المستوى الرمزي، بل من خلال خطوات عملية يمكن أن تحدد مدى قدرة الدول على مواجهة اعتداءات إسرائيل على السيادة العربية والإسلامية، وتعزيز دور قطر كمركز للمبادرات الدبلوماسية وفض النزاعات الإقليمية.

 

الاهتمام العربي والإسلامي لا يرقى إلى مستوى الحدث

يشكك الكاتب والمحلل السياسي د. عبد المجيد سويلم في جدية الدعوة لعقد قمة عربية– إسلامية في قطر، معتبرًا أن الاهتمام العربي والإسلامي بهذا التحرك لا يرقى إلى مستوى الحدث، وأن المسألة قد لا تتجاوز حدود محاولة شكلية تفتقر إلى موقف صلب وحاسم.

وبحسب سويلم، فإن القمة، في حال انعقادها، يمكن أن تشكل مناسبة مهمة للمراجعة السياسية، لكنها تظل محاطة بكثير من الشكوك والتساؤلات حول مخرجاتها الفعلية.

ويوضح سويلم أن المعطيات الراهنة تشير بوضوح إلى أن الولايات المتحدة تقف وراء الهجوم الإسرائيلي الأخير على الدوحة، مشددًا على أن الرواية التي رُوّجت عن عدم علم واشنطن أو اعتراض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على العملية ليست سوى دعاية إعلامية لتخدير المنطقة وإيهامها بمواقف لا أساس لها من الجدية. 

ويقول سويلم: "من المستحيل أن تتم الضربة دون علم قاعدة "العديد" الأمريكية في قطر أو دون تنسيق مباشر، وهو أمر لا يقبله عقل أو منطق، حتى الإعلام الإسرائيلي نفسه لم يقتنع بالرواية المزعومة".

 

استهتار أمريكي بالمنطقة بأسرها

ويبيّن سويلم أن استهداف قطر، وهي تلعب دور الوسيط في ملف غزة، يعكس حجم الاستهتار الأمريكي ليس فقط بقطر وإنما بالمنطقة بأسرها، وخاصة دول الخليج، معتبرًا أن هذا الهجوم تجاوز كل التوقعات السابقة وأصبح مؤشراً على مرحلة جديدة عنوانها أن غزة باتت مفتاح السيطرة الأمريكية – قبل الإسرائيلية – على الشرق الأوسط. 

ويقول سويلم: "غزة اليوم هي معركة ترامب بقدر ما هي معركة نتنياهو، فواشنطن ترى في الملف الفلسطيني أداة لإعادة رسم خرائط المنطقة عبر القوة الإسرائيلية".

ويؤكد سويلم أن إدارة ترمب أرادت أن توجه رسالة صريحة للعرب بأنها الممسكة الوحيدة بملف الشرق الأوسط، وأن نتنياهو ليس سوى أداتها المباشرة لإدارة المشهد وفق ما تراه مناسبًا. 

ويعتبر سويلم أن طبيعة العلاقة الأمريكية– الإسرائيلية، والذي ظهر في الدعم المباشر الذي يقدمه ترامب لنتنياهو، يعكس تحكم اللوبي الصهيوني بالقرار الأمريكي، وربما امتلاكه أوراق ضغط قوية على الرئيس الأمريكي دونالد ترمب جعلته عاجزًا عن الفكاك من الدائرة التي رسمتها له هذه اللوبيات.

وينتقد سويلم الحديث العربي المتكرر عن "انتهاك السيادة"، واصفًا الأمر بأنه أصبح "مضحكًا"، إذ تُنتهك الأجواء والإرادات العربية يوميًا دون رد فعل حقيقي، بينما جرى التغاضي عن المحاولة الإسرائيلية لاغتيال قيادات فلسطينية منخرطة في التفاوض برعاية أمريكية. 

ويقول سويلم: "العرب يهبّون للدفاع عن سيادة قطر، ولكن أيضاً لا يذكرون محاولة اغتيال شركاء المفاوضات ذاتها".

 

مظاهرة إعلامية جديدة تخلو من أي مضمون عملي

وفيما يتعلق بالسيناريوهات المتوقعة لمخرجات القمة، يتوقع سويلم أن تقتصر على المزيد من بيانات الشجب والاستنكار ورفع سقف الخطاب السياسي دون أن تترافق مع إجراءات رادعة حقيقية. 

ويقول سويلم: "لا أعتقد أن العالمين العربي والإسلامي قادران على مراجعة جادة تفضي إلى سياسات واضحة لمواجهة الموقف الأمريكي أولاً والإسرائيلي تاليًا، وبالتالي سنكون أمام مظاهرة إعلامية جديدة تخلو من أي مضمون عملي".

ويرى سويلم أن المراهنة على نتائج تتجاوز البيانات والتصريحات في هذه القمة ليست سوى "مراهنات ساذجة"، مشددًا على أن غياب الإرادة السياسية الحقيقية يجعل من أي قمة مجرد تكرار لخطابات فضفاضة لا تحمل أدوات ضغط حقيقية على الولايات المتحدة أو إسرائيل.

 

محطة مفصلية في بلورة موقف موحد

تعتبر الكاتبة والمحللة السياسية د. رهام عودة أن القمة العربية– الإسلامية المرتقبة في العاصمة القطرية الدوحة ستشكل محطة مفصلية في بلورة موقف موحد تجاه العدوان الإسرائيلي الأخير على السيادة القطرية، مؤكدة أن رسائلها ستكون "حاسمة وحازمة" سواء في ما يتعلق بدعم الدوحة أو بوقف الحرب المستمرة على قطاع غزة.

وبحسب عودة، فإن أبرز الرسائل التي ستصدر عن القمة تتمثل أولاً في الإجماع العربي والإسلامي على رفض العدوان الإسرائيلي وإدانته واستنكاره بشكل قاطع، إلى جانب التأكيد على الدعم السياسي والأمني لدولة قطر وعدم السماح بتكرار أي اعتداء مستقبلي عليها. وتشدد عودة على أن القمة ستوجّه رسالة واضحة بأن إسرائيل باتت تهدد أمن واستقرار الشرق الأوسط، وتجاوزت كل الخطوط الحمراء المتعلقة بسيادة الدول العربية والإسلامية، الأمر الذي يتطلب محاسبتها دولياً وفق قواعد القانون الدولي.

وتشير عودة إلى أن هناك توافقاً متزايداً بين الدول العربية والإسلامية على ضرورة إنهاء الحرب على غزة بأسرع وقت ممكن، ودفع إسرائيل إلى قبول مقترح عربي لإنهاء الحرب، يقوم على عودة السلطة الوطنية الفلسطينية لإدارة القطاع، إلى جانب تشكيل لجنة إسناد مجتمعي من التكنوقراط في غزة، مدعومة بقوات عربية.

وحول السيناريوهات المتوقعة لمخرجات القمة، تتوقع عودة صدور بيان رسمي عربي– إسلامي يدين بشدة العدوان الإسرائيلي على قطر، بما في ذلك اختراق أجوائها، ويحمل إسرائيل المسؤولية عن فشل مفاوضات الصفقة مع حركة "حماس"، مع المطالبة بإنهاء الحرب الدائرة في غزة.

 

القمة قد تتخذ خطوات قانونية 

وترجّح عودة أن تعلن القمة خطوات قانونية ستقودها قطر بالتعاون مع دول عربية مثل الجزائر، تشمل التحرك نحو الجمعية العامة للأمم المتحدة أو مجلس الأمن لطلب إدانة العدوان الإسرائيلي. 

ولم تستبعد عودة أن يُعلن عن تعليق الدور القطري في الوساطة بين إسرائيل و"حماس"، والتأكيد على أن الوفد الإسرائيلي "غير مرحب به" في الدوحة في المرحلة المقبلة.

وتشير عودة إلى أن القمة ستكون اختباراً حقيقياً لإرادة الدول العربية والإسلامية في مواجهة إسرائيل، ليس عبر الإدانة فقط، وإنما من خلال خطوات عملية قد تُعيد رسم ملامح التوازن السياسي في المنطقة.

 

 قطر لا تزال مركزاً أساسياً للمبادرات وفض النزاعات

يرى الباحث المختص بالشأن الإسرائيلي وقضايا الصراع نزار نزال أن القمة العربية– الإسلامية المرتقبة في العاصمة القطرية الدوحة تحمل رسائل سياسية بالغة الأهمية على أكثر من صعيد، سواء تجاه إسرائيل أو المجتمع الدولي أو الشعوب العربية والإسلامية، في ظل استمرار الحرب على قطاع غزة والتصعيد الإسرائيلي الأخير ضد قطر.

ويوضح نزال أن الرسالة الأولى التي تبعثها القمة هي رسالة سياسية مباشرة إلى إسرائيل، ومفادها بأن العالمين العربي والإسلامي ما زالا موحدين، ولو شكلياً، في مواجهة الحرب على غزة، وأنه لا يمكن تجاوزهما في أي تسوية أو ترتيبات مستقبلية. 

أما الرسالة الثانية وفق نزال، فهي رسائل دعم وتأييد لقطر سياسياً وأمنياً، بعد استهدافها الأخير، حيث إن عقد القمة في الدوحة بحد ذاته يُعد دليلاً على تضامن الدول المشاركة معها، ويؤكد أنها لا تزال مركزاً أساسياً للمبادرات الدبلوماسية وفض النزاعات.

ويشير إلى أن الرسالة الثالثة موجهة إلى المجتمع الدولي، للتأكيد أن هناك مظلة أوسع من جامعة الدول العربية، تتمثل في المظلة العربية– الإسلامية التي تضم دولاً مؤثرة مثل تركيا وإيران وباكستان وماليزيا، ما يمنح الموقف زخماً إضافياً. 

وبحسب نزال، فإن الرسالة الرابعة هي للشعوب العربية والإسلامية، باعتبار أن القمة تمثل محاولة لامتصاص الغضب الشعبي المتصاعد إزاء استمرار الحرب على قطاع غزة، خاصة مع الارتفاع الكبير في أعداد الضحايا والشهداء وفشل الجهود المبذولة لوقف إطلاق النار.

وفيما يتعلق بالسيناريوهات المتوقعة لمخرجات القمة، يؤكد نزال أن الاحتمال الأول يتمثل في صدور بيانات إدانة وشجب قوية ضد إسرائيل، مع التأكيد على الدعم السياسي والإنساني لغزة. 

أما السيناريو الثاني وفق نزال، فيمكن أن يتضمن دعوة المجتمع الدولي ومجلس الأمن للتدخل لوقف الحرب، وربما الإعلان عن إنشاء صندوق عربي– إسلامي لدعم غزة وإعادة إعمارها.

ويشير نزال إلى أن السيناريو الثالث، وهو الأكثر تقدماً وإن كان صعباً، قد يشمل خطوات عملية مثل التلويح بوقف أو مراجعة مسار التطبيع مع إسرائيل، أو الدعوة لإرسال قوات أو مراقبين عرب وإسلاميين لحماية المدنيين، فضلاً عن الضغط على الولايات المتحدة باستخدام أوراق الطاقة والاستثمارات.

ولم يستبعد نزال أيضاً السيناريو الأضعف، وهو الاكتفاء ببيان ختامي فضفاض وصورة تضامن، ما قد يجعل القمة أقرب إلى الاستعراض.

ويؤكد نزال أن القمة تحمل بطبيعتها رسائل سياسية متعددة ومهمة، إلا أن المخرجات المرجحة ستبقى ضمن إطار الإدانة والدعم الإنساني لغزة دون تجاوز ذلك إلى خطوات استراتيجية.

حدث سياسي بارز يحمل رسائل عميقة

يؤكد الباحث في الاقتصاد السياسي والعلاقات الدولية د. محمد الطماوي أن الدعوة لعقد قمة عربية–إسلامية في العاصمة القطرية الدوحة الأسبوع المقبل، تمثل حدثاً سياسياً بارزاً يحمل رسائل عميقة على أكثر من صعيد، سواء لإسرائيل أو للعالمين العربي والإسلامي أو حتى للمجتمع الدولي.

ويوضح الطماوي أن الرسالة الأولى موجهة بشكل مباشر إلى إسرائيل، فاستهداف وفد حركة حماس في الدوحة لم يكن مجرد ضربة عابرة، بل اعتداء صريح على أرض دولة ذات سيادة، وهو ما يفرض رداً جماعياً منظماً يترجم في موقف عربي–إسلامي موحد. 

ويشير الطماوي إلى أن القمة تُظهر أن القضية لم تعد مقتصرة على غزة فقط، بل تحولت إلى مسألة أمن إقليمي تمسّ الكرامة والسيادة العربية.

وفيما يتعلق بالرسالة الثانية للقمة تكمن بحسب الطماوي، في التعبير عن تضامن رمزي وفعلي مع الشعب الفلسطيني، مؤكداً أن هذا الموقف يثبت أن القضية الفلسطينية ما تزال مركزية، وأن العالمين العربي والإسلامي لن يقبلا بمحاولات التصفية أو التهجير أو إسقاط أدوار الوساطة.

ويعتبر الطماوي أن الرسالة الثالثة تتعلق بموقع قطر في معادلة الوساطة، حيث تأتي القمة لتؤكد أن أي محاولة للنيل من هذا الدور أو تعطيله ستؤدي إلى مزيد من الاصطفاف العربي والإسلامي خلف الدوحة. 

أما الرسالة الرابعة وفق الطماوي، فهي موجهة إلى المجتمع الدولي، وتؤكد أن تجاهل الصوت العربي والإسلامي لم يعد ممكناً، وأن استمرار التغاضي عن خرق القوانين الدولية قد يجرّ إلى مواقف تصعيدية غير مسبوقة.

وفيما يتعلق بالمخرجات المتوقعة، يوضح الطماوي أن السيناريو الأول يتمثل في صدور بيان قوي اللهجة يدين الاعتداء ويؤكد الثوابت الفلسطينية، وهو ما يشكل الحد الأدنى للحفاظ على وحدة الموقف. 

بينما السيناريو الثاني الأكثر ترجيحاً – وفق الطماوي – يتمثل في تحرك دبلوماسي منظم عبر لجنة وزارية عربية–إسلامية تتحرك على الساحة الدولية للضغط من أجل تحقيق دولي ومحاسبة إسرائيل.

ويشير الطماوي إلى أن السيناريو الثالث قد يحمل طابعاً أكثر تصعيداً عبر خطوات سياسية واقتصادية، مثل سحب السفراء أو تعليق بعض الاتفاقيات أو استخدام أوراق الضغط الاقتصادي، لكنه يتطلب توافقاً واسعاً بين الدول. 

ويطرح الطماوي السيناريو الرابع، وهو إمكانية حماية الوساطة عبر آليات إقليمية أو دولية تكفل سلامة الوسطاء واستمرار مسارات التفاوض.

أما السيناريو الأكثر تصعيداً، الذي يراه الطماوي أقل احتمالاً، فيتمثل في فرض عقوبات اقتصادية جماعية أو تحريك مسارات قضائية دولية ضد إسرائيل، وهو ما قد يحول القمة من مجرد لقاء رمزي إلى نقطة تحول استراتيجية في مسار الصراع.

المصدر: جريدة القدس