الذكرى الـ24 لرحيل القائد الوطني أبو علي مصطفى: فكرٌ باقٍ وإرثٌ ثوري خالد

زمن: يصادف اليوم، السابع والعشرين من آب/ أغسطس، الذكرى الرابعة والعشرين لاستشهاد الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، القائد الوطني الكبير أبو علي مصطفى، الذي اغتاله الاحتلال الإسرائيلي في مكتبه بمدينة رام الله عام 2001.

قائد بحجم الوطن

أبو علي مصطفى لم يكن مجرد قائد سياسي، بل كان مناضلًا حمل السلاح قبل الكلمة، وجسّد بصلابته صورة الفدائي الملتزم بثوابت شعبه. جمع بين الفكر الثوري والعمل الميداني، وبين الحكمة والشجاعة، وظل وفيًّا لمبادئه حتى لحظة استشهاده. فقد خسرته فلسطين والأمة العربية كقامة وطنية بارزة ورمز من رموز الحركة الوطنية الفلسطينية.

آمن أبو علي بأن الوحدة الوطنية هي الطريق للانتصار، فكان قائدًا متوازنًا، وفيًّا لرفاقه الكبار، واضعًا المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار. ظلّ قريبًا من "الحكيم" جورج حبش، وخلفه في قيادة الجبهة الشعبية، كما ربطته علاقة نضالية وثيقة بالرئيس الراحل ياسر عرفات.

 محاولات اغتيال سابقة

تعرض الشهيد لعدة محاولات اغتيال قبل استشهاده، أبرزها في بيروت والأغوار الأردنية. ففي منطقة الكولا بالعاصمة اللبنانية، كُشف عن محاولة تفجير بناية كاملة كان يسكنها، بينما نجا بأعجوبة من قصف مدفعي خلال قيادته مركبة قرب الأغوار الأردنية.

ورغم إدراكه للخطر الذي يهدده منذ عودته إلى فلسطين عام 1999 بعد سنوات طويلة في المنفى بين الأردن وسوريا ولبنان، لم يتردد في الانخراط مباشرة في انتفاضة الأقصى، مؤكدًا حضوره الوطني وعلاقاته الوطيدة مع مختلف الفصائل والقوى الفلسطينية.

 سيرة ومسيرة

الميلاد والنشأة: وُلد أبو علي مصطفى في بلدة عرابة جنوب جنين عام 1938. والده كان مناضلًا شارك في ثورة 1936.
التعليم والبدايات: درس في بلدته ثم انتقل إلى عمّان عام 1950، حيث بدأ حياته العملية وأكمل دراسته، قبل أن ينخرط في صفوف حركة القوميين العرب عام 1955.
الاعتقال والنضال: اعتُقل عام 1957 وقضى خمس سنوات في السجن، ثم تسلم قيادة منطقة الشمال في الضفة الغربية، وأسّس مع رفاقه "الوحدة الفدائية الأولى".
الكفاح المسلح: بعد هزيمة حزيران 1967، شارك في تأسيس مرحلة الكفاح المسلح عبر انطلاقة الجبهة الشعبية، وقاد الدوريات الأولى إلى الداخل الفلسطيني. تولى مسؤوليات عسكرية وسياسية في الأردن ولبنان، وانتخب نائبًا للأمين العام في المؤتمر الثالث للجبهة عام 1972.
العودة إلى الوطن: عاد إلى فلسطين عام 1999 وتولى مسؤولياته كاملة، حتى انتُخب أمينًا عامًا للجبهة الشعبية عام 2000.

 إرث ثوري خالد

شكّل أبو علي مصطفى نموذج القائد الثوري الأصيل، الملتصق بقضايا الفقراء والكادحين، المؤمن بالعمل الجماهيري والكفاح المسلح في آن واحد. كان زوجًا وأبًا مناضلًا، اختار تاريخ 23 يوليو/ تموز لزواجه وفاءً للزعيم جمال عبد الناصر، وشارك مع رفاقه في أصعب مراحل الثورة الفلسطينية.

وظل حتى آخر لحظة من حياته متمسكًا بالثوابت الوطنية، رافضًا المساومة أو التنازل. استشهد جسدًا، لكنه بقي حاضرًا بفكره ونهجه ومبادئه التي ما زالت تشكل مصدر إلهام للأجيال الفلسطينية.