مصباح الكومي.. العائد إلى غزة بعد غياب 62 عامًا !

غزة- زمن FM

 حين كان طفلًا في الصف السادس الابتدائي سلك المواطن مصباح الكومي (أبو حسن) البحر برفقة اثنين من أبناء منطقته، مغادرًا قطاع غزة نحو المجهول. 

أخذته أمواج البحر في منطقة السودانية غرب مدينة غزة آنذاك نحو العاصمة اللبنانية بيروت، بعد رحلة من المعاناة والتنقل بين السجون في أماكن مختلفة. 

والآن بعد 62 عامًا من الغياب، يعود الحاج مصباح برفقة ابنته ردينة (38 عامًا) لزيارة الأهل في مخيم الشاطئ غرب المدينة. 

أجواء من البهجة والاحتفال كانت في استقباله بدءًا من معبر رفح جنوب القطاع، وصولًا إلى شارع حميد في مخيم الشاطئ حيث تسكن العائلة. 

حين سأله " هل تشعر بالندم بعد كل هذه السنوات؟ أجاب "أنا لا أنكر أنني خسرت عائلتي وأهلي، إخوتي وأبناء عمي، حيث بقيت مفقودًا ومنقطعًا عن الاتصال معهم أكثر من عشرين عامًا، إلى أن عاد الاتصال في السبعينيات." 

وعن شعوره عند وصوله إلى غزة : يقول "حين رأيت أرض الوطن شعرت بحنين غريب وشديد، أنا لا أصدق أنني الآن أقف في المكان الذي خرجت منه قبل 62 عامًا، لقد تغير كل شيء!" 

يؤكد الحاج مصباح أن غزة لها مكانة كبيرة لدى الشعب اللبناني وأخبرنا أن أصدقاءه في بيروت أوصوه أن يعود إليهم بزجاجة صغيرة فيها بعض من رمل بحر مدينة غزة! 

وأضاف قائلًا "أتمنى لو أنني أستطيع زيارة أهلي في غزة كل عام، لكن مشقة السفر متعبة، عندما وصلت هذه المرة بقيت مريضًا ثلاثة أيام." 

وفي حديث مع ابنته الشابة ردينة تقول "منذ طفولتي وأنا أحلم بالمجيء إلى غزة، لكن الوصول إليها كان صعبًا جدًا." 

وأشارت بالقول "نحن الآن لا نحمل الهوية الفلسطينية، وفي ذات الوقت لا نملك الجنسية اللبنانية، كل ما نملكه فقط هوية تفيد بأننا نقيم على الأراضي اللبنانية." 

وتوضح قائلة "شاء القدر أن أتزوج بشخص لبناني، وأصبح معي هوية لبنانية، لكن إخوتي لا يملكونها، ويعانون كثيرًا بسبب هذا الأمر!" 

وفي رسالة لها قالت "أتمنى أن يجد المسؤولون حلًا لنا، وأن نحصل على الهوية الفلسطينية فهي بصمة عز نفخر بها، وحتى نستطيع الإجابة على كل شخص يسألنا من أين أنتم؟!" 

بتأثر واضح تضيف "تركت كل شيء خلفي في لبنان، حياتي وأبنائي، وجئت لأزور العائلة في غزة وأتعرف عليهم." 

وفي تناقض لا يشعر به إلا الفلسطيني تختم ردينة حديثها "لعل الجميع يستغرب إذا قلت إنني أشعر بالندم بعدما وصلت هنا، في الماضي كانت العائلة بالنسبة لي مجرد صور ليس أكثر، ولكنهم الآن أصبحوا كل حياتي، ولا أعرف بعد وداعهم كيف سأتأقلم على حياتي المقبلة بدونهم؟!"