كتب اسماعيل الريماوي: رغم أن الصورة التي تُظهر قادة أوروبا جلوسًا في هيئة تلاميذ أمام المعلم الأميركي تحمل الكثير من الإذلال والمهانة للقارة العجوز، إلا أنها تكشف في الوقت نفسه عن أن أوروبا على علاتها وتبعيتها، لا تترك زيلينسكي وحيدًا في مواجهة الإرادة الأميركية ، بل تحاول أن تجد لنفسها صياغة لموقف موحد يقي مصالحها ويحفظ أوكرانيا من أن تكون لقمة سائغة لروسيا والولايات المتحدة معًا في لعبة الأمم .
وفي المقابل يقف عرب المهانة والخذلان عراة أمام التاريخ بلا مواقف وبلا كرامة يتركون غزة وحيدة تصارع آلة الإبادة الصهيونية الأميركية ، يتركون أطفالها يموتون جوعًا ويتركون نساءها ثكالى ، يتركون رجالها يقاتلون وحدهم ، ويكتفون بدور المتفرج الصامت بل إن بعضهم يشارك في وليمة العار على دماء غزة ويبيع موقفه للقاتل ليحصل على فتات على موائد الغزاة .
أوروبا الضعيفة أمام واشنطن على الأقل ، تحاول أن ترسم لنفسها صورة تحفظ ماء وجهها أما الاعراب فلا ماء بقي على وجوههم، تركوا غزة ليذبحها العدو ثم توهموا أنهم يعشون بسلام آمنون ، وأن مصيرهم مختلف ولكن غدًا ستحين ساعة استفرادهم واحدًا تلو الآخر وحينها لن يجدوا غزة لتدافع عنهم ولن يجدوا دمها ليحمي دمكم.
إنها لحظة عار ستبقى وصمة لا يمحوها الزمن، كيف انهم يدّعون العروبة و يخذلون غزة ، كيف يزعمون الإنسانية ، ويغلقون الحدود في وجه الأطفال الجائعين، كيف يدّعون الرجولة ويسلمون مفاتيح الأرض للمحتل ويغطون على جرائمه .
غزة لن تنسى وغدًا سيأتي الحساب وحينها ستعرفون أنكم بخذلانها قد خذلتم أنفسكم قبل أن تخذلوا شعبها .
وحين يسدل الستار على هذه المأساة ستبقى غزة واقفة وحدها بين الركام ، تنفض غبار الموت وتكتب بدماء أطفالها ما عجزت عنه جيوشكم ، وستبقى لعنات الشهداء تطاردكم في قصوركم وأسواقكم ومؤتمراتكم، وستبقى الأجيال القادمة تذكّركم بأنكم كنتم شهود زور على مذابح القرن ، وأنكم تركتم فلسطين في لحظة احتضارها وحين يسألكم التاريخ ماذا فعلتم سيكتب جوابكم بمداد الخزي: تركوا غزة وحيدة وانحنوا للقاتل، أما غزة فبقيت واقفة شامخة أبية أقوى من خذلانهم، وأصدق من عروبتهم المزيّفة .