وسم غزة تموت جوعًا: صرخة في وجه العالم وسط حصار خانق ومجاعة متفشية

تصدّر وسم #غزة_تموت_جوعًا منصات التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية، مجسِّدًا صرخة أطلقها فلسطينيون من قلب قطاع غزة، في محاولة أخيرة للفت انتباه العالم إلى المجاعة القاتلة التي تضرب القطاع، في ظل حصار مشدد، وحرب ممتدة منذ أكثر من تسعة عشر شهرًا، تشنها إسرائيل بدعم أمريكي مباشر.

تحت هذا الوسم، غصّت منصات “إكس”، و”فيسبوك”، و”إنستغرام”، بصور ومقاطع مصوّرة مؤلمة تُظهر حجم الكارثة: أطفال بأجساد نحيلة، نساء يُقاتلن من أجل لقمة، وشيوخٌ منهكون بلا دواء أو طعام، وسط دمار واسع، وغياب شبه تام للمساعدات الإنسانية.

منذ الثاني من مارس 2025، أغلقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي المعابر كافة المؤدية إلى قطاع غزة، ومنعت دخول المساعدات الإغاثية والغذائية والطبية، ما فاقم من الأزمة الإنسانية، وتسبب في تفشي الجوع والمجاعة، لاسيما في المناطق المأهولة بالنازحين، التي تعاني من شحّ فادح في الغذاء والماء والدواء.

وباتت معظم العائلات الفلسطينية غير قادرة على توفير الحد الأدنى من مقومات البقاء، وعلى رأسها الدقيق، الذي يشكّل أساس الحياة اليومية. وقد اختفى تقريبًا من الأسواق، فيما تُباع كميات محدودة منه بأسعار خيالية في السوق السوداء، يستحيل على المواطنين تحمّلها.

الوضع تجاوز حدود الكارثة. فالجوع لم يعد مجرد معاناة يومية، بل تحوّل إلى سلاح إبادة صامت، يقضي على السكان ببطء، ويُحاصرهم حتى داخل خيام النزوح.

في ظل هذا الواقع المؤلم، تتعالى الأصوات من داخل غزة، تطالب العالم بالتحرك العاجل، وتناشد المؤسسات الدولية والعربية لفتح المعابر والسماح بدخول المواد الغذائية والطبية.

ورغم حجم المعاناة، تبرز مبادرات شبابية فردية، تحاول مواجهة الجوع بالإمكانات المتاحة. من بين هذه المبادرات، مبادرة أطلقها الناشط المجتمعي هاني مقداد، وهو شاب فلسطيني يعيش في قطاع غزة، ويشهد يوميًا على ما يحدث من مآسٍ.

يقول مقداد في حديثه لنساء إف إم إن الوضع في غزة لا يُحتمل، نحن نعيش مجاعة حقيقية. منذ سبع سنوات أطلقت مبادرة شبابية لمساعدة الأسر الفقيرة، لكنها خلال هذه الحرب أصبحت طوق نجاة للكثير من العائلات. بدأنا بمبادرات فردية، وبجهود ذاتية، نحاول من خلالها توفير الطعام والماء والدواء حسب الإمكانيات المحدودة."

وتابع "خلال نزوحنا في محافظة الوسطى، كنا نوزع سُقيا الماء على النازحين داخل الخيام، وقدمنا سلالًا غذائية بسيطة مما توفر في الأسواق، رغم ندرة المواد التموينية. كما أنشأنا تكيات طعام لإطعام العائلات النازحة من شمال وشرق القطاع، إلى مناطق الوسطى وغرب غزة".

إضافة  إطلاقهم مؤخرًا حملة لإيصال الطعام إلى المستشفيات، التي تعاني من انهيار تام في خدماتها. قمنا بزيارة ثلاث مستشفيات، من بينها المستشفى الميداني في السرايا، ومستشفى سرطان الأطفال، وقدمنا وجبات غذائية للكوادر الطبية والمرضى وأهاليهم. فالوضع الصحي كارثي، والمستشفيات عاجزة عن تقديم الخدمات بسبب انعدام الوقود والدواء والطعام.

وفي ظل استمرار الحصار، وتوسع رقعة المجاعة، يحمّل الفلسطينيون في غزة المجتمع الدولي كامل المسؤولية عن الصمت المريب، مطالبين بتدخل فوري لإنقاذ أرواح الأبرياء، وفتح المعابر دون قيد أو شرط، تمهيدًا لوصول المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها.

اليوم، تُطلق غزة صرختها الأخيرة. ليست فقط عبر وسم إلكتروني، بل من بطون جائعة، وأجساد نحيلة، وقلوب أُثخنت بالقهر. فهل يُنقذها أحد، أم تبقى تموت… والعالم يراقب.