صور| سارة المغربي... تعيد الحياة لجدران غزة المدمرة !

غزة – زمن FM في أحد أحياء غزة التي غيّرتها الحرب، تقف سارة المغربي أمام جدارٍ محطم، بيدٍ تحمل فرشاة وبالأخرى تمسح الغبار عن ركام منزلها. لم تأتِ لترمم الحجارة، بل لتعيد للحياة لونها، وللحلم صوته. فنانة تشكيلية شابة، وجدت في الفن ما لم تجده في الكلمات، وحوّلت الألم الذي يسكنها إلى لوحات تنبض بالصمود.

من الركام... تبدأ الحكاية

سارة، طالبة فنون جميلة وتصميم جرافيك، نشأت في عائلة غزّاوية تُؤمن بأن الفن ليس مجرد رفاهية، بل أسلوب حياة. كان حلمها أن تجمع لوحاتها ولوحات والدها وأشقائها في معرض واحد، يُظهر للعالم جمال غزة رغم الجراح. لكن الحرب جاءت فجأة، وخطفت كل شيء، حتى ذلك الحلم.

"كل شيء راح تحت الردم... البيت، اللوحات، الألوان، بس الشي الوحيد اللي ما قدروا ياخدوه منا هو إرادتنا"، تقول سارة بعينين تلمعان رغم الدموع.

الجدران... معارض مفتوحة في وجه القهر

بعد أن فقدت كل أدواتها الفنية، قررت سارة أن تبدأ من جديد — من لا شيء. الجدران المهدّمة أصبحت لوحاتها، والركام صار خلفية لألوانها. بدأت ترسم وجوه الأطفال الذين فقدوا ألعابهم، ودموع الأمهات على أبواب المستشفيات، وملامح الشوارع التي حاولت الحرب محوها.

"الفن صار لغتي لما انقطعت كل اللغات... صرنا نرسم مشان نعيش، مشان نحكي إنو إحنا موجودين"، تقول سارة.

نساء يرسمْن الحياة رغم الموت

سارة لم تكن وحدها. انضمت إليها نساء أخريات، فنانات وحرفيات، وجدن في الفن مساحة للبوح وكسر الصمت. استخدمن قصاصات القماش، وورق الكرتون، وحتى الحجارة، لرسم ما لا يُقال. كل لوحة كانت صرخة، وكل لون محاولة لاستعادة جزء من الذات التي بعثرتها الحرب.

رغم الفقد، أصرّت سارة على تحويل المأساة إلى ذاكرة حية. لوحاتها ليست فقط صورًا جميلة، بل شهادات حيّة على ما جرى، ومقاومة ناعمة لا تقل صلابة عن صمود المقاومين.

"أنا مش بس برسم، أنا بوثق، وبحاول أخلي الناس تشوف غزة مش بس كدمار، بس ككمان أمل"، تقول سارة بابتسامة خافتة.

الفن في غزة... صرخة تُسمع دون صوت

في غزة، بات الفن رسالة بقاء، وسلاحًا روحيًا في وجه الانهيار. من بين الأنقاض، تنهض سارة ورفيقاتها ليقلن إن الحروب تقتل الأحلام، لكنها لا تقتل الروح. ففي كل لوحة، أملٌ مؤجل، وفي كل جدار، قصة تنتظر من يقرأها.

سارة المغربي لا تبحث عن الشهرة، ولا عن معرض دولي. كل ما تريده هو أن تواصل الرسم — أن تحيا، وتُحيي، وتمنح غزة ألوانًا لا يستطيع الدمار محوها.

المصدر: نساء FM