ما بعد الحرب

جودت الخضري

 

أحبِس دموعي و مشاعري تهيُأً للحظة سماع وقف الحرب ، لا أعرف كيف ستكون مشاعري ولا أعرف كم سأبكي وهل سأبكي فرحاً على وقف الحرب أم حزناً على ما فقدنا من أحبة و ممتلكات لكن بالرغم من كل شئ سأرقص طرباً ولا أعرف ان كانت ستكون رقصة الفرح ام رقصة الذبيح ولكن لن أتخلى ولن أتنازل عن آمالي و أحلامي التي كتمتها وكتمت التفكير بها طيلة فترة أيام الحرب المجنونة ، عندي أسئلة مُلِّحة و صعبة ولا أجد الاجابة عليها ، كيف قلبي سيتحمل كل هذه المآسي والخراب عند العودة ، هل يستطيع قلبي أن يتحمل عند عودته رؤية غزة الجميلة و قد تم تدميرها وهل يستطيع ان يتحمل ان يرى كل ما بنيته خلال ٤٠ سنة قد تم تدميره ، وهل قلبي يستطيع أن يتحمل فقداني لأصدقاء و أحبِّة ارتقوا الى العُلا و تركونا مع الواقع المجهول ، هل سيملأ حقد قلبي على كل من تسبب في هذا أم أعيش بقية حياتي متحسراً على ما تم ام ترك الشجاعة والتحدي لنسيان كل ما حصل والبدء بصفحة جديدة يملؤها الأمل والرغبة في بناء وتعمير أكثر جمالاً مما سبق ، لا أعرف ان كنت ساستطيع ممارسة الحلم على أنقاض مدينة منكوبة ولكن ما العمل ، هل أستسلم للشكوى و البكاء أم لا 
دائماً ما كنت أقول لأصدقائي و أبنائي نحن شعب غير طبيعي خُلقنا في ظروف غير طبيعية على ارض غير طبيعية ومطلوب منّا أن نتصرف كذلك ألا يتسلل اليأس الى قلبنا ولا يتسلل الضعف والوهم الى قلوبنا 
بكل حسابات العقل ، غزة ستحتاج الى اكثر من مئة مليار دولار لإعادتها الى يوم ٦ أكتوبر ٢٠٢٣ 
مهما كان العالم كريماً معنا أشُك في امكانية الحصول على هذه المبالغ لإعادة اعمار غزة ، ما العمل ، علينا أن نُشمر عن سواعدنا ونبني مدينتنا بكل ما أوتينا من قوة و بتحويل كل مخزون الحقد والألم والمعاناة الى عمل و انتاج و ابداع ، هي خواطر كتبتُها ولا أعرف ما ستحمله الأيام لنا في قادم المستقبل ، هل سنتعلم من أخطائنا ، هل سنكون على قلب رجل واحد ، هل سنعترف ان غزة اصغر بكثير من الأحلام التي طُلبت منها وأن غزة قدمت ما يكفي من الدماء و آن لها ان تستريح و تنتبه لحياتنا واعمارها بعيداً عن شعارات ما أنزل الله بها من سلطان