كتب : د. عبدالله جمال أبو الهنود
المؤشرات السكانية وفق معدل الخصوبة ومؤشر معدل النمو السكاني يشير انه علي مدي جيل واحد سيتضاعف سكان الاراضي الفلسطينية (سكان اراضي السلطة الفلسطينية ) من اربعة مليون وسبعمائة واثنان وخمسون الف الي تسعة مليون ونصف .
اما في ظل خصوصية قطاع غزة فتشير التقديرات والاسقاطات السكانية المتوسطة (الغير متفائلة والغير متشائمة ) ان عدد سكان القطاع سيتزايد في عام 2025 سيصبح اثنان مليون وستمائة و واحد وخمسون الف نسمة بينما سيصبح مع عام 2030 ما يقارب من ثلاثة مليون ومائة وثمانية وثلاثون الف نسمة ومع عام 2040 سيصبح العدد ما يقارب اربعة مليون نسمة .
كما ان هيكل الهرم السكاني في القطاع سيحدث عليه تغيرات حيث سيصبح عدد الفئة العمرية من يوم الي 10 سنوات ما يقارب 44% من السكان في عام 2025ومن 10-64 عام سيشكل ما يقارب 53% من السكان لنفس العام .كما ان القوي التي ستنشط في القوي العاملة ستضاعف ليدخل سوق العمل مع عام 2025 ما يقارب من 755 الف ومع عام 2030 سيكون ارتفع العدد ليصبح 875 الف (ذكور واناث ) .
وهو ما يعني انه حتي تحافظ علي معدل البطالة 44% فانت محتاج مع 2030 ما يقارب 30 الف فرصة عمل .
كما ان هذا المعدل المتزايد المتوقع من السكان يتطلب زياده في احتياجات علي مستوي قطاع الصحة والتعليم فعلي مستوي قطاع التعليم والذي به عدد الطلاب في مدارس القطاع اعلي بمرتين مما هو عليه بالضفة في الوقت الراهن ليبقي العدد كما هو تحتاج قطاع غزة الي بناء ما يقارب 1150 الي 1600 مدرسة مع عام 2030 .
اما علي صعيد قطاع الصحة يتطلب لمواجهة هذه الزيادة زيادة مقابلة في عدد الاسرة في المستشفيات الي ما يقارب 5200 سرير حتي 2030 . ان هذه الزيادة السكانية المتسارعة في ظل غياب الحكومة الوطنية المركزية ومع بقاء الانقسام علي ما هو علية سترفع من تكلفة المعيشة بالقطاع وستودي الي زيادة غير محدودة في ارتفاع مؤشرات التخلف الاقتصادي وستعمق الازمات الاقتصادية في القطاع حيث تتسارع بوتيرة اعلي من النمو والاستثمار سينتج عنها كثير من الاشكاليات المستقبلية لعل ابرزها :
- زيادة الاستهلاك لدى الأفراد، وبالتالي تقليل مدخراتهم التي يدخرونها لأغراض استثمارية، مما يؤدى إلى الحد من إمكانية رفع مستوى الدخل القومي للأفراد، حيث يصبح الدخل القومي أقل من معدلاته السابقة وهذا يؤدى بالتالي إلى انخفاض مستوى المعيشة اكثر مما هي عليه الان زيادة في الفقر .
- زيادة نفقات الحكومة (المعدومة ) على الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والمواصلات والحماية والأمن والإسكان، حيث يؤدى ارتفاع التعداد السكاني إلى النقص فيها وزيادة الطلب عليها بحيث يكون هذا الإنفاق الاستهلاكي على حساب نفقات التنمية والأموال المخصصة للمشروعات الاستثمارية كالصناعة والزراعة والتجارة مما يؤدى إلى استنزاف الموارد اكثر مما هي علية الان .
- الانخفاض الواضح في نسبة الأجور في القطاعين الخاص والحكومي (لن يكون هناك تطبيق حد ادني للأجور ويومية العامل في القطاع التي بلغت بالمتوسط 20 شيكل ستنخفض ربما لتصبح 10 شيكل ) وذلك بسبب توفر الكثير من الأيدي العاملة، كما إن الزيادة السكانية قد تؤدى إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات نتيجة زيادة الطلب عليها بصورة لا تتناسب مع نسبة الأجور مما يؤدى إلى انخفاض مستوى معيشة الأفراد وتراجع في الدخل الحقيقي للأفراد .
- ارتفاع أسعار الوحدات السكنية نظرًا لصعوبة توفير الأعداد اللازمة لتلبية احتياجات الأسر الجديدة بالإضافة إلى أن الزيادة السكانية تؤدى إلى الزحف العمراني على الأراضي الزراعية وانخفاض الإنتاج الزراعي والذي اصبح مساهمته في القطاع لا يتجاوز 5% في الناتج المحلي الاجمالي .
- انهيار المرافق العامة نتيجة زيادة الضغط عليها وعدم كفاية الاستثمارات اللازمة لتجديدها والتوسع فيها. الزيادة السكانية المتوقعة لقطاع غزة في ظل المؤشرات الاقتصادية الحالية هي في حقيقة الامر مشكلة سـكانية كارثية ستؤدي الي اختلالات وتعميق للتشوهات الاقتصادية وزيادة في مؤشرات التخلف الاقتصادي وستحبط أي جهد لتحقيـق التنميـة بجميع مفاهيمها(فـي ظل الخصوصية الفلسطينية وخصوصية اقتصاد قطاع غزة الذي اصبح يوصف التنمية الفلسطينية فيه بالمتعثرة و المشوهة والتي تعاني افقار شديد.) وذلك للالتهام الزيادة السكانية المتسارعة أيـة تطـورات فـي مختلـف المجالات سـواء الصناعيـة أو الزراعيـة أو الغذائيـة ان حدثت ، هـذا بالإضافة إلـى ضعـف إسـهامها فـي معدلات الإنتاج وعـدم تناسـبها مـع معدلات الاستهلاك المرتفعة.
ان مشكلة الزيادة السكانية لا تحتاج الي تفاخر او الي شعارات رنانة لمواجهتها بل تحتاج إلى الوقوف عندها طويلا، وضع الخطط الوطنية والبرامج التنفيذية لمواجه ما تفرضه هذه الزيادة المتوقعة من تحديات. فهل استعدت ادارة قطاع غزة في ظل الانقسام وعدم وجود حكومة مركزية وخطة وطنية للاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية لتلك الزيادة علي المدي القريب او البعيد خصوصا ؟؟؟
لذلك اقترح علي الكل الوطني الاستعداد لكل تلك التحديات بتشكيل حكومة وطنية مركزية واحدة فتكلفة انهاء الانقسام مهما كانت مرتفعة فتكلفة بقاءه اكثر ارتفاعا واكثر كارثية .