أصدر الباحثان الدكتور نادر حامد أبو شرخ والدكتورة مي محمد أبو شرخ دراسة ترصد بعد عام من المعاناة والدمار المتعمد من قبل الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.
حيث رصدت الدراسة ان قطاع غزة يعاني على مدار 75 عام من آثار العدوان الإسرائيلي المتكرر، وآخرها الحرب الحالية على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى يومنا هذا، والذي خلف وراءه دمارًا واسعًا في البنية التحتية، وخسائر بشرية ومادية جسيمة. فقد تسببت الحروب المتكررة والحصار المفروض على القطاع في تفاقم معاناة السكان المدنيين، حيث يعاني أكثر من مليوني فلسطيني من أوضاع معيشية صعبة، تشمل نقصاً حاداً في الحاجات الأساسية مثل المأوى، الغذاء، المياه، الكهرباء، والدواء. يترافق ذلك مع تدهور الخدمات الصحية والتعليمية، مما يجعل الحياة اليومية في غزة تمثل تحديًا مستمرًا.
فالعدوان الإسرائيلي لا يقتصر على الهجمات العسكرية، بل يشمل أيضاً حصارًا خانقًا يعيق إعادة إعمار القطاع ويحد من حركة السكان والبضائع، مما يضاعف من معاناة الشعب الفلسطيني ويؤدي إلى تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل غير مسبوق.
ولا يزال خطر المجاعة قائمًا حيث يعاني جميع سكان قطاع غزة من الافتقار بشكل حاد إلى المساعدات الغذائية والمعيشية في ظل استمرار القيود المفروضة على وصول المساعدات والفرق الإنسانية.
خلصت الدراسة الى الاستنتاجات ان العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ترك بصمة دموية مروعة دائمة، أثرت على مختلف جوانب الحياة والبيئة، ابتداء من الآثار المباشرة على البنية التحتية والموارد المائية وجودة الهواء، وانتهاء بالعواقب الإنسانية الأوسع والدمار الاقتصادي والصدمات الاجتماعية والنفسية.
كان للدمار والتلوث الناجمين عن العدوان تداعيات بيئية خطيرة، ما أدى إلى تغيير كيمياء التربة والماء والهواء، فتآكلت التربة وتلوثت المياه وتدهورت جودة الهواء. هذه العواقب البيئية تؤثر بدورها على الزراعة والصحة العامة.
علاوة على ذلك، آثار العدوان تتجاوز بكثير البيئة المادية، إذ تسببت في أزمة إنسانية عميقة ومعقدة، ما ساهم في النزوح والبطالة وانسداد آفاق الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية وغيرها من الخدمات الأساسية والخسائر البشرية العميقة لهذا الصراع، وكذلك الصدمة النفسية التي يعاني منها أهالي القطاع، ولا سيما الأطفال.
للعدوان أيضا تداعيات سياسية وثقافية، حيث شلت بنية الحكم والهياكل الأمنية، وأدت الى تدمير التراث الثقافي وهددت هوية الفلسطينيين وذاكرتهم الجماعية.
وأسفرت الحرب البشعة عن كارثة انعدام المعاناة المعيشية اليومية، الصحة، التعليم، الزراعة، المياه، الكهرباء، الاتصالات، الطرق والمواصلات، والإمدادات الطبية وتفشي الأوبئة والمجاعة، مما أدى الى تفاقم أزمات اللاجئين في ظل غياب النظافة العامة وتدفق مياه الصرف الصحي المكشوفة في كل مكان، والتي أدت إلى انتشار الملوثات والأمراض المعدية.
إن هول الكارثة أكبر بكثير من قدرات سكان القطاع على مواجهتها بمفردهم.
ختمت الدراسة الى ان العدوان الإسرائيلي عبارة عن أزمة متعددة الأبعاد ذات آثار عميقة بعيدة المدى. ألحقت دمارا بيئيا مروعا في مختلف القطاعات، مما يستلزم اتخاذ إجراءات فورية لمواجهة هذه التحديات واستعادة أكبر قدر ممكن من التوازن البيئي في المنطقة.
مواجهة التحدي البيئي الصحي الضخم، وإعادة إعمار القطاع الذي يتطلب رفع الحصار والاستثمار في البنية التحتية والوصول إلى الموارد الأساسية، وممارسات التنمية المستدامة، ومشاركة جميع الجهات والشركات العربية والدولية المعنية والمنظمات البيئية والمؤسسات والسلطات المحلية المختصة في هذا الشأن.
مشاكل قطاع غزة هي مشاكل مترابطة في جوهرها وظاهرها، فمشكلة التعليم لا تنفصل عن المشاكل الصحية، ولا تنفصل عن الوضع المعيشي للسكان، ولا تنفصل عن تدمير البنى التحتية وتوفر المياه والكهرباء والانترنت، فإن الحاجة الأولى والأكثر إلحاحًا على مستوى قطاع غزة هي الوقف الفوري للإبادة الجماعية الممنهجة والمتعمدة لكل أشكال الحياة في القطاع، والعمل على توفير ما يلزم لبناء حياة كريمة على الأسس الصحية والتعليمية والمعيشية السليمة، وتوفير جميع الخدمات الأساسية مثل الماء غير الملوث ومياه الشرب الصحية والكهرباء والانترنت، ولو من خلال اختلاق حلول مؤقتة إلى أن يتم العمل عليها بشكل مستدام.
الدراسة كاملة
عام من المعاناة والدمار المُتَعمَّد على قطاع غزة - 10.16.pdf