رام الله - زمن FM
يكافح العديد من السيدات لمعالجة الأفكار التي تراودهن نتيجة تغيرات أجسادهن أثناء فترة الحمل، ووفقا لدراسة استقصائية أُجريت على أكثر من 1500 امرأة، أوضحت أكثر من 41% منهن أنهن شعرن بمزيد من السلبية تجاه أجسادهن بسبب الحمل.
وقالت عالمة النفس البريطانية مارييل كوينت إن ما نشعر به تجاه أجسادنا هو قضية معقدة، غالبا ما تتأثر بمعايير الجمال الاجتماعية والثقافية غير الواقعية، خاصة مع ما نشاهده على مواقع التواصل الاجتماعي من محتويات معدلة ومحرّفة.
كما يمكن أن تساهم التجارب الشخصية، مثل التعرّض للتنمر والصدمات السابقة والصحة العامة والعلاقات، في تكوين صورة سلبية عن الجسم.
وخلال فترة الحمل تحديدا، يمكن أن تتفاقم المخاوف الموجودة بالفعل عند بعض السيدات بشأن أجسادهن، وحتى لو لم يشعرن بمشاعر سلبية تجاه أجسامهن من قبل، فقد تجد المرأة الحامل نفسها تعاني مع تغيرات الحمل المتلاحقة.
أسباب المشاعر السلبية تجاه الجسم أثناء الحمل
على الرغم من أن زيادة الوزن غالبا ما تُعتبر مقبولة أثناء الحمل، فإن الأبحاث تظهر أن العديد من النساء الحوامل يعانين من عدم الرضا عن شكل أجسادهن ومظهرهن الجسدي بسبب تلك الزيادة.
ويُعتقد أن الأمر مرتبط بالوصمة الاجتماعية والإحساس بالعار المرتبط بالسمنة في المجتمع، سواء كان ذلك في الدول العربية أم الغربية، ومن التغيرات التي يمكن أن تؤدي لصورة سلبية عن الجسم:
1- زيادة الوزن أثناء الحمل
لعل الوزن الزائد هو العامل الأكثر تأثيرا في الصورة الذاتية السلبية عن الجسم خلال فترة الحمل، ونتيجة لأن معايير الجمال الأنثوية في هذا العصر هي النحافة، فإن زيادة الوزن أثناء الحمل يمكن أن تسبب مشكلة في صورة الجسم لدى بعض الحوامل.
2- التغيرات النفسية
صورة الجسم السلبية يمكن أن تسبب الاكتئاب، وفي المقابل، يمكن أن يؤدي الاكتئاب إلى تفاقم وإدامة الأفكار والمشاعر السلبية تجاه الجسم، ما يجعل هذه المشكلة وكأنها حلقة مفرغة.
ونتيجة للتغيرات الهرمونية الحادة أثناء الحمل، فقد يتطور الأمر لحالة من اكتئاب الحمل، الذي يركّز على التغيرات البدنية الملحوظة خلال تلك الفترة الحساسة.
3- تغيرات الحمل الأخرى
التعب، وقلة اللياقة البدنية، وحب الشباب، والتصبغات الجلدية، والدوالي، والسيلوليت وعلامات تمدد الجلد، والإجهاد العام بسبب عدم الراحة، والآلام البدنية، والغثيان وغيرها، كل هذه العوامل من شأنها الضغط شعوريا على المرأة، ودفعها لعدم الرضا عن نفسها، وبالتالي قد يتطور الأمر لصورة ذاتية سلبية عن الجسم.
4- الصورة غير الواقعية للحمل على الإنترنت
نتيجة للمشاركات غير الواقعية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فقد يؤدي الاطلاع المفرط للمحتوى الرقمي في القيام بالمقارنات غير المنصفة، أو حتى بناء فكرة مغلوطة عند المرأة لتغيرات فترة الحمل، لذا قد تشعر بالصدمة والسوء تجاه جسدها إذا ما خالفت الحقيقة توقعاتها.
مشكلة مخاطرها عديدة وخطيرة
يمكن أن تؤدي الصورة السلبية للجسم أثناء فترة الحمل إلى المعاناة من سلسلة تداعيات خطيرة قد تهدد سلامة المرأة النفسية، وقد تمتد لرضيعها لاحقا، ومن بينها:
الاكتئاب قبل الولادة أو بعدها، حيث تشير الأبحاث إلى أن مشاكل صورة الجسم من المرجح أن تكون عاملا مهما للاكتئاب في الفترة المرتبطة بالولادة، كما قد تصيب المرأة بتدني احترام الذات والقلق والعزلة الاجتماعية.
اتباع نظام غذائي غير متوازن، أو ما يُعرف بالأكل العاطفي، يفاقم مشاكل السمنة والصحة البدنية العامة سواء للأم أو جنينها.
ضعف الارتباط بين الأم والرضيع، وانخفاض معدل الرضاعة الطبيعية.
خطوات عملية للتعافي
من الضروري استيعاب فكرة أن تغيرات الحمل غالبا ما تكون مؤقتة، وأن معظم السيدات يستعدن شكلهن الخارجي بصورة كبيرة بعد بضعة أشهر من الولادة، خاصة مع اتباع روتين يومي صحي ونظام غذائي متوازن.
ولكن في حال كان الانتظار أمرا صعبا أمام تحديات المرحلة، وتسببت التغيرات التي طرأت على الجسم في المعاناة من شعور ثقيل بعدم الرضا، عليها أن تحاول القيام بالخطوات التالية:
الاستعداد، إذ يمكن أن يساعدك تحديد التطورات المحتملة قبل الحمل على اتخاذ خطوات استباقية للحفاظ على صحتك الجسدية والعقلية خلال الأشهر التسعة وما بعدها.
وقد يلعب اتباع نظام صحي وروتين لياقة مناسب للحمل دورا في تعزيز الصورة الذاتية الإيجابية تجاه الجسم، خاصة مع تأثيرات الرياضة المباشرة في تعزيز الصحة النفسية الجيدة.
أما عندما تتراكم الأفكار السلبية، يمكن مواجهتها بالحديث الذاتي الإيجابي، إذ تظهر الأبحاث أن الحديث الإيجابي المهدئ للذات يهدئ القلق ويخفف حدة التوتر، لذلك امنحي جسدك ونفسك رسائل إيجابية ملهمة لتؤمني بها.
ولأن المحيط الاجتماعي يلعب دورا ملموسا في دعم الصحة النفسية، من المهم الاستعانة بالأهل والأصدقاء وشريك الحياة، ومشاركتهم مخاوفك، والحصول منهم على الدعم والمشورة اللازمة.
وفي حال واجهتِ انتقادات من الآخرين تدفعكِ لمزيد من القلق تجاه جسمك، حاولي تجنُّب التواصل مع الأشخاص المؤذين، ووضع حدود لهم للحفاظ على سلامتك العقلية.
وختاما، مشاكل صورة الجسم لا تختفي بمجرد إنجاب الطفل، لأن فترة ما بعد الولادة هي مرحلة أخرى من التغيرات الجسدية والعاطفية، لذلك عليك أن تمنحي نفسك الوقت اللازم، وأن تظهري لنفسك الكثير من اللطف والرفق.
وفي حال كان القلق حول الصورة الذاتية حادا ويؤثر على جودة حياتك اليومية، من الضروري استشارة الخبراء المتخصصين في الصحة النفسية، للحصول على الرعاية والدعم اللازمين لكي لا يتطور الأمر إلى اكتئاب.
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية