في ظل الحصار المالي.. هل تنهار السلطة ماليًا ؟

رام الله - زمن FM 

اية عبد الرحمن- تواجه السلطة الفلسطينية مخاطر انهيار في المالية العامة نتيجة خفض تدفقات الإيرادات والانخفاض الكبير في النشاط الاقتصادي، وذلك على خلفية الحرب المتواصلة على قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 وعلى ضوء استمرار احتجاز إسرائيل لاموال المقاصة وتوقف الدعم الخارجي. وقد شهدت الأوضاع المالية العامة للسلطة الفلسطينية تدهوراً شديداً في الأشهر الثلاثة الماضية، مما يزيد بشكل كبير من مخاطر الانهيار المالي.

وأشار البنك الدولي في تقرير له إلى أن تدفقات الإيرادات قد نضبت بشكل كبير بسبب الانخفاض الحاد في تحويلات إسرائيل لإيرادات المقاصة المستحقة الدفع للسلطة الفلسطينية، والانخفاض الهائل في النشاط الاقتصادي.

ويعاني الاقتصاد الفلسطيني من خسائر فادحة في الوظائف وفقاً للبنك الدولي، مع فقدان ما يقرب من نصف مليون وظيفة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023. يشمل هذا التوزيع نحو 200 ألف وظيفة في قطاع غزة، و144 ألف في الضفة الغربية، ونحو 148 ألف من العمال المتنقلين عبر الحدود من الضفة المحتلة إلى سوق العمل الإسرائيلي، مما يؤكد الأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي تحيط بالمنطقة.

وقال الخبير الاقتصادي الدكتور نصر عبد الكريم خلال لقائه ضمن برنامج "الثانية في نساء" إن الأوضاع الاقتصادية في فلسطين تزداد صعوبة يوماً بعد يوم، وأن هناك تراجعاً كبيراً في القوة الشرائية والحركة التجارية. وأوضح أن المحرك الأساسي للاقتصاد الفلسطيني في السنوات السابقة كان من الإنفاق الحكومي من الرواتب وشراء الخدمات والقطاع الخاص أو العمل في الداخل المحتل، لكن كلا الأمرين تصدع بشكل كبير وانخفض بأكثر من 80%، وبالتالي لم يبق للاقتصاد الفلسطيني متسع كبير من الحركة بسبب عدم توفر أي مساعدات من قبل مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الخيرية والدولية.

وأضاف أن أي تحذيرات تصدر عادة من مؤسسات أمنية إسرائيلية تحذر من اندلاع انتفاضة تكون أولى من مواجهة في الضفة الغربية. وتابع أن الحكومة الإسرائيلية لا زالت مستمرة في عدوانها على قطاع غزة، فهي تخشى من عدم الاستقرار وتعتقد أن الضغط الاقتصادي قد يولد انتفاضة في وجه الاحتلال، وخاصة في ظل تحذيرات تصدر من مؤسسات دولية، حتى آخرها كان من وزير الخارجية والمفوض السياسي الأوروبي الذي أبلغ السلطة بشكل مباشر عن إمكانية انهيارها.

وتساءل الدكتور عبد الكريم عن النتائج المحتملة إذا نجحت الحكومة الإسرائيلية في العمل على انهيار السلطة: هل سيكون هناك اختفاء للسلطة ومظاهر التحكم بالبلاد ومؤسساتها، أم سيكون انهياراً معنوياً فقط بعدم قدرتها على تأدية الخدمات والوفاء بالالتزامات، وعدم إحساس المواطن بالأمن؟

وشهد القطاع المحاصر انخفاضاً أكثر وضوحاً، مع انخفاض بنسبة 28% في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، مما يجعل نصيب الفرد من الدخل الحقيقي عام 2023 هو الأدنى على الإطلاق، أي ما يقرب من خمس نظيره في الضفة المحتلة. ويتوقع البنك الدولي استمرار انكماش الاقتصاد الفلسطيني لعام 2024، ويقدر تقريره حدوث انكماش اقتصادي آخر يتراوح بين 6.5% و9.6% في المالية العامة، مع استمرار ضبابية المشهد وعدم اليقين بشأن آفاق عام 2024